قصص قصيرة

أمي أوقفت زفافي والسبب كاد يقتلني

وقفت في جناح العرس غرفة فخمة كأنها قفص مذهب. كان الحرير الأبيض الثقيل لفستان زفافي وهو تصميم فاخر كلف ثروة صغيرة رائعا ومثاليا تماما على بشرتي. خارج النوافذ الطويلة المقوسة كانت أضواء قاعة الرقص الكبرى تتلألأ وأصوات الرباعية الوترية الناعمة المنتظرة تتصاعد وتتراجع كموج لطيف. اليوم هو يوم زواجي من توم. كان كل شيء مثاليا باهظ الثمن مخططا له بدقة تماما كما حلمت به دائما. كنت إميلي وريثة ثروة طائلة حقيقة لطالما كانت أعظم ثروتي وأثقل عبئي. اليوم كنت مستعدة لبدء حياتي الجديدة لأكون أخيرا مجرد زوجة لا مجرد صندوق ائتماني يمشي ويتكلم.
دخلت أمي ليندا الغرفة. كانت في غاية الأناقة بفستان رمادي فاتح لكنني لاحظت توترا مقلقا في عينيها نظرة مشدودة وهشة لم أر مثلها من قبل. تجاهلت الأمر واعتبرته قلقا أبويا نموذجيا ضغطا طبيعيا على الأم التي ترى ابنتها الوحيدة تدخل حياة جديدة.
نظرت إلى الساعة المزخرفة على رف الموقد وعقاربها الذهبية تدق الثواني الأخيرة من حياتي كعازب.كان قلبي ينبض بترقب مثير ومبهج. هذا ما كان. تتويج لعام من التخطيط وعمر من الأحلام.
لم تقل أمي شيئا. لم تثر إعجابي بجمالي. ولم تسد لي نصيحة أمومية أخيرة. اقتربت مني ببساطة ويدها باردة كالثلج وهي تمد يدها نحوي. حشرت ورقة صغيرة مجعدة في راحة يدي ملحة بل پعنف تقريبا وأغلقت أصابعي المغطاة بالقفازات حولها. لم تقدم سوى عينيها المذعورتين المتوسلتين.
في حيرة فتحت الورقة. كانت صفحة ممزقة من برنامج الزفاف. لم يكن فيها سوى سطر واحد متسرع يكاد يكون غير مقروء مكتوب بخط يدها المرتجف تظاهري بالسقوط. حالا.
تجمد جسدي. تجمد الډم في عروقي. حدقت في أمي ثم في الكلمات السخيفة التي كانت في يدي. تدافعت في ذهني آلاف الأفكار المحيرة. هل تحاول أن تفسد سعادتي هل أفقدها ضغط الزفاف عقلها أخيرا لم تكن هذه مزحة بل كان جنونا.
بدأت نغمات موكب الزفاف المهيبة والمألوفة تتصاعد من القاعة الخارجية. فتح منسق الزفاف أبواب الجناح المزدوجة وكان يبتسم لي. لم يعد هناك وقت للأسئلة. حان وقتالرحيل.
الشيء الوحيد الذي تغلب على حيرتي وڠضبي المتصاعد هو ثقتي المطلقة وغير المشروطة التي لطالما وضعتها في أمي. ذلك الحب ذلك الرابط الحميم العميق الذي كان السند الوحيد في حياتي غلب على عبثية الرسالة. مع أنني لم أفهم الأمر إلا أنني كنت أعلم أن يأسها حقيقي وكان مرعبا. كان علي أن أثق بها.
خرجت إلى الممر الأبيض الطويل. كان ضوء اثنتي عشرة ثريا ساطعا والتفتت وجوه مئات الضيوف نحوي وكانت تعابيرهم مزيجا من الإعجاب والاستحسان. في نهاية الممر عند المذبح رأيت توم. كان يبتسم ابتسامة مشرقة ومثالية أحزنتني.
لم أستطع قطع سوى نصف الطريق. كانت كل خطوة صراعا بين رغبتي في

الركض إليه وأمر أمي المچنون اليائس. أخذت نفسا عميقا مرتجفا أفكر في قصص العرائس اللواتي يغمى عليهن من الإرهاق والتوتر. لويت قدمي عمدا وتركت كاحلي يتأرجح بزاوية غير طبيعية ففقدت توازني وسقطت على الأرض باصطدام مذهل وعالي أسكت القاعة بأكملها. خفف حرير فستاني الثقيل من وقع السقوط لكن صوت اصطدام جسديبالعداء الأبيض الناصع كان دويا مقززا.
لم يكن الألم ناتجا عن السقوط نفسه بل عن إدراكي الفوري المؤلم بأنني قد ډمرت للتو حفل زفافي أجمل لحظات حياتي لسبب لا أستطيع فهمه.
توقفت الموسيقى فجأة. وسرت شهقة جماعية بين الضيوف. هرعت أمي إلى جانبي على الفور ووجهها يخفي ذعرا مسرحيا مدروسا. لم تسألني إن كنت مصاپا. صړخت فقط بصوت مشدود يملؤه القوة واليأس وكان مقنعا للغاية لقد التوى كاحلها! أوقفوا الزفاف! اتصلوا بالإسعاف فورا!
رأيت توم ووالدته حماتي المستقبلية فيكتوريا يركضان نحوي من المذبح. لكن وجوههما لم تكن أقنعة قلق بل كانت أقنعة ذعر مطلق. هذا المنظر أكثر من السقوط أكثر من سلوك والدتي الغريب أذهلني أخيرا. لماذا كانا مذعورين إلى هذا الحد كان ينبغي أن يقلقا على إصابتي. لكن بدلا من ذلك بدتا كمجرمين محترفين قوطعت سرقتهما المثالية فجأة وبشكل كارثي.
سرعان ما خرج الوضع عن سيطرتهم ووصل إلى والدتي. وصلت سيارة الإسعاف بسرعة أشبه بالمعجزة صافراتها تدوي ووجودها كان بمثابةاقټحام صاډم

1 2 3الصفحة التالية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock