
قصة حب لا يعرفها إلا المخلصون
تحتاج إلى دعم متبادل لا إلى هروب عند أول عثرة.
مرت السنوات وكبر الزوجان معا لم يرزقا بأطفال لكن الله رزقهما بحب عميق لا ينضب. كانا يقولان دوما الأولاد نعمة لكن المودة والرحمة بين الزوجين نعمة أعظم. القصة وصلت إلى مسامع الناس وأصبحت تروى مثالا يحتذى به في الوفاء. كان الناس يسمونهما زوجان جمعهما القدر وخلدهما الوفاء.
هذه القصة تعلمنا أن الزواج ليس عقدا مؤقتا ولا صفقة تجارية يمكن فسخها عند أول اختبار بل هو عهد مقدس يقوم على الصبر والمساندة. الجمال قد يزول مع مرور الأيام والصحة قد تتغير في لحظة والمال قد يذهب ويعود لكن ما يبقى هو المودة والرحمة. حينما يضع الزوجان هذه القيم ڼصب أعينهما ينجوان من العواصف التي تهب على الحياة الزوجية.
فالوفاء هو الركيزة التي تحفظ العلاقة من الاڼهيار. الوفاء يعني أن تبقى بجوار شريكك حين يحتاج إليك لا أنتدير ظهرك عند أول ضعف. الوفاء أن ترى الجمال في الروح لا في المظهر. الوفاء أن تمنح الأمان بدلا من الخۏف وأن تمد يدك حين يسقط الآخر بدلا من أن تتركه وحيدا.
ولو نظرنا حولنا اليوم لوجدنا أن الكثير من حالات الطلاق تحدث لأسباب تافهة ربما بسبب خلاف على كلمة أو نقص في المال أو تقصير في أمر بسيط. لكن لو تذكر كل زوجين أن أساس الزواج
هو المودة والرحمة لكان الصبر أهون ولتحولت المشكلات إلى دروس لا إلى نهايات.
هذه القصة بين الزوجين السعوديين هي برهان حي على أن الحب الحقيقي ليس مجرد عاطفة مؤقتة بل هو التزام واستعداد للتضحية. الزوج لم يتخل عن زوجته حين رآها في أضعف لحظاتها والزوجة لم تهجر زوجها حين علمت أنه لن ينجب. كلاهما أظهر معنى العشرة الطيبة التي تبنى على الاحتواء لا على الهروب وعلى الصبر لا على التذمر.
والأجمل أن قصة كهذه تجعلنا ندرك أن السعادةلا تقاس بإنجاب الأطفال وحدهم ولا بالثروة ولا بالمظاهر بل تقاس بالطمأنينة التي نجدها بجوار من يفهمنا ويقدرنا ويحتوينا في أحلك اللحظات. ربما لم يرزق هذان الزوجان بذرية لكن الله رزقهما بذرية من نوع آخر ذرية من القيم التي تروى وتتناقل عبر الأجيال لتصبح درسا خالدا لكل من يقرأ أو يسمع بها.
فلننظر إلى بيوتنا ولنراجع أنفسنا هل نحتوي شركاء حياتنا وقت ضعفهم هل نقابل عيوبهم بالصبر والرحمة أم بالجحود والانتقاد هل نمنحهم ما ننتظره منهم من وفاء واحتواء
إن كنا نريد بيوتا مستقرة وأسرا متماسكة فعلينا أن نعيد تعريف الحب والوفاء. ليس الحب كلمات تقال في الخطوبة ولا صورا تنشر في المناسبات بل هو فعل يومي يتجلى في الټضحية في الصبر في الاحترام في الغفران وفي تقديم الآخر على النفس.
هذه القصة تجعلنا نتمنى أن يزداد في زمننا هذا من أمثال هؤلاء رجال ونساء يقابلونالوفاء بالوفاء ويزرعون البذور الصالحة للعشرة الطيبة. فإن غاب المال أو الصحة أو الجمال بقي الوفاء سندا يحفظ العلاقة وبقيت الرحمة مظلة تظللها وبقيت المودة جسرا يعيد القلوب إلى بعضها مهما تباعدت.
ولعل أعظم ما يمكن أن نختم به هو أن الزواج رحلة طويلة يمر فيها الزوجان بلحظات ضعف وقوة فرح وحزن غنى وفقر. ومن يدرك أن هذه الرحلة تحتاج إلى الصبر والوفاء سيصل في النهاية إلى بر الأمان ولو لم تحقق له الحياة كل ما كان يحلم به. فما قيمة الأمنيات إذا غاب من يشاركنا الطريق وما قيمة الإنجازات إن لم نجد من يحتفل بها معنا
فلنحفظ أزواجنا وزوجاتنا ولنمنحهم ما نرجوه منهم من وفاء ولنجعل هذه القصة العبرة التي تذكرنا دائما بأن الحب يزول إن لم يسق بالوفاء والزواج ينهار إن لم يحم بالصبر لكن حين تجتمع المودة والرحمة فلا عاصفة تستطيع أن تهدم بيتا بني على أساسهما.





