
رواية عائلة الشناوي كامله جميع الفصول للكاتب مصطفى محسن
أنا اسمي عادل الشناوي عندي ٣٥ سنة وبشتغل مهندس في شركة غاز مصر.
اتولدت وعشت عمري كله في قرية صغيرة في الأقصر القرية دي اسمها الشناوي.
القرية دي مش زي أي قرية عشان اللي ساكنين فيها كلهم من عيلتي عيلة الشناوي.
أنا عايش في بيت أبويا الله يرحمه جمال الشناوي.
البيت ده كبير قديم كل حجر ليه ذكرة وليه ريحة الماضي وصوت الذكريات في كل ركن.
ابويا ماټ من ١٥ سنة وانا وامى عايشين فى البيت ده من وقت ما اتولدت ومليش اخوات.
أنا ما اتجوزتش عشان حياتي كلها كانت حوالين شغلي وأمي.
بس الحقيقة مش ده السبب الوحيد.
اللي خلاني ما استقرش إن عمتي سماح وعمي حمدان كانوا طمعانين في البيت.
كانوا بييجوا يزورونا بس نظراتهم كانت بتكشف اللي جواهم.
مرة أمي بصتلي وهي خاېفة وقالت
خلي بالك منهم يا عادل هما مش عايزين لينا الخير وعنيهم على البيت.
أنا بكل هدوء قولتلها
اطمني يا أمي البيت ده بتاعنا حقنا محدش هياخده.
بس الواضح إنهم ماكانوش هيسيبونا في حالنا.
ابتدوا يحاولوا يضغطوا علينا بالكلام بالټهديد وبعدين لجأوا لحاجة أسوأ.
في ليلة من الليالي وأنا راجع متأخر من الشغل لقيت أمي قاعدة في الصالة وهى خاېفه.
قالتلي بصوت مبحوح
يا عادل في حد بيرمي حاجة قدام باب البيت كل يوم ورق ملفوف بخيط أحمر وأنا بخافه ألمسه.
أنا بعصبية قلتلها
أكيد شغل عمتي وعمي عاوزين يطفشونا.
وفعلا ماعداش كام يوم وبدأت أحلم كوابيس غريبة.
كنت أصحى بالليل ألاقي
وفعلا ماعدتش أيام قليلة وبدأت أحلم كوابيس غريبة.
أصحى بالليل ألاقي أصوات خطوات في البيت وأمي تصرخ وتقول إنها شايفة حد واقف في الركن.
مرة رجعت متأخر من الشغل ولقيت البيت غارق في ضلمة.
قبل ما أمد إيدي على مفتاح النور اللمبة ولعت فجأة لوحدها! وبعدها طفت تاني في لمح البصر.
كنت واقف وحسيت إن في حد بيبص عليا من الأوضة قلت يمكن تعب شغل أو أوهام.
تاني يوم وأنا في الشغل في مكتبي لقيت ورقة محطوطة وسط الملفات.
فتحتها لقيت مكتوب بخط غريب
سيب البيت البيت مش ليك.
رميت الورقة في سلة الزباله وضحكت على على الرساله.
لكن الليلة اللي بعدها لقيت ورقة تانية بنفس الجملة.
رجعت البيت وأنا متوتر.
لقيت أمي قاعدة قدام المصحف بتقرأ بصوت عالي. وشها باين عليه الخۏف وصوتها بيرتعش.
سألتها
إيه يا أمي في إيه
قالتلي بصوت واطي
أنا بشوف خيالات في الصالة بخاف أقولك عشان ما تشيلش هم. في حاجة بتمشي في البيت يا عادل.
طمنت أمي وقلت لها
مټخافيش مافيش حاجة كله خير.
بس كنت في الحقيقة بحاول أطمن نفسي.
كنت قاعد يوم ولقيت اللمبة بتنطفي لوحدها وبقت تتهز تولع وتطفي كل ساعة.
مرة تانية لقيت الكنب اللي في الصالة اتحرك نص متر عن مكانه. المسافة ما كانتش كبيرة لكنها كفاية تخلي أمي تخاف وتفضل قاعدة قدام المصحف طول اليوم.
الكوابيس كمان اتعمقت.
بقيت أحلم بحلم واحد ثابت ساحة قديمة في نص القرية شجرة فرعها مكسور وورا الشجرة باب بيتنا القديم بس مشوه كأنه نحت بإيدين مش بشړ.
وصوت في الحلم دايما يقولي نفس الكلام البيت مش ليك
وأصحى وقلبي بيدق بسرعة.
حسيت إن أمي خاېفة روحت نمت معاها في الأوضة عشان أطمنها.
وبالليل حسيت بإيد صغيرة بتشدني. فتحت عيني لقيت إيدها ماسكة في اللحاف وبتتشبث بيه وفجأة اختفت.
المرة اللي بعدها وأنا في المكتب بشتغل على ملف جالي تليفون من جارنا عبد الرازق.
هو من عيلتنا بس من بعيد.
صوته كان مكسور وقال
ليلة امبارح قابلت حمدان وسماح جنب المقاپر كانوا شكلهم مريب وبصوا عليا بنظرة خوفتني. ولما سألتهم في إيه ضحكوا ضحكة مش طبيعية ومشيوا.
بعد المكالمة قررت أواجههم.
رحت لعمي حمدان وعمتي سماح في بيتهم.
وأول ما دخلت حسيت ببرودة شديده.
استقبلوني كالمعتاد لكن عيونهم كان فيها حاجة مش مطمناني.
سألتهم عن الورق اللي بيتحط قدام بيتنا وعن الكلام اللي مكتوب وعن كل اللي حصل.
سماح ابتسمت ابتسامة خفيفة وقالت
يا عادل يا ابني اللي انت بتقوله ده كلام أطفال. خلي بالك على أمك.
بس صوتها كان واطي غامض.
بعد ما خرجت لقيت على ضهر القميص خيط أحمر مربوط بعقدة صغيرة.
أنا متأكد إنها مكنتش موجوده قبل ما أدخل.
رفعت إيدي عشان أشيلها لقيت العقدة متينة جدا كأن حد ربطها بايده.
لما فتحت إيدي لقيت فيها ورقة صغيرة مكتوب عليها كلمة واحده بخط غريب
اخرج وإلا.
وأنا راجع في الطريق كل خطوة كنت أخدها كنت حاسس صوت خطوات تانية بتراقبني من ورايا.
دخلت البيت ونمت.
الليلة اللي بعدها الساعة كانت حوالي ١٢ ونص بالليل.
الجرس رن مرة واحدة.
روحت فتحت لاقيت قدام الباب ورق ملفوف بخيط أحمر.
أول ما لمستها حسيت إن جو البيت كله اتغير.
اللفة كان طالع منها ريحة عفن.
فتحتها لقيت صفحة مكتوب عليها كلمة واحدة بخط مهزوز
باقي
وقبل ما أقرأ الباقي حسيت حد بيشدني من رجليا لورا.
بصيت ورايا لقيت ظل طويل وسمعت صوت ضحكة خفيفة قريبة قوي كأنها طالعة من الحيطان.
من بعد الليلة دي البيت بقى غريب.
الهوا بقى تقيل والهدوء مش طبيعي. أمي بقيت تقول إنها سامعة تلاوة قرآن مقلوبة كأن حد بيقرأ الآيات بالعكس.
في يوم الجمعة بعد الصلاة رجعت بدري من الشغل.
وأنا داخل الشارع لقيت عيال صغيرة بټعيط وواحدة ست من الجيران بتقول
ابعدوا عن بيت الشناوي البيت فيه حاجة مش كويسة.
الناس بقوا يخافوا يعدوا من جنب البيت.
وأول ما دخلت لقيت ريحة بخور غريبة مالية الصالة ريحة تقيلة وتخنق.
سألت أمي
إنتي ولعتي بخور
قالتلي پخوف
لا يا ابني البخور ده بيظهر لوحده كل يوم.
بدأت أدور على مصدر الريحة لحد ما لقيت تحت السلم طبق فخار صغير جواه رماد أسود وقطع ناشفة كبيرة.
الطبق ماكانش بتاعنا حد حاطه جوه البيت من غير ما نحس!
في نفس الليلة وأنا نايم صحيت على صوت خبط شديد على الباب.
جريت فتحت ما لقيتش حد.
لكن لقيت قدام البيت على الأرض مرسوم دايرة كبيرة بالطباشير.
في اللحظة دي سمعت صوت من بعيد ضحكة عمي حمدان.
كنت متأكد إنه شايفني من بعيد وهو بيتفرج ومعاه عمتي سماح.
رجعت جوه البيت وأنا مش عارف أعمل إيه.
أمي بصتلي وقالت
مش هيسيبونا في حالنا.
وقبل ما أرد سمعت صوت همس واضح بيقول
سيب البيت وإلا مش هنسيبك حي.
تاني يوم المدير سألني على العقود بتاعت الشركة الجديدة وأنا دورت عليها ومالقتهاش.
ندهني وقال
فين العقود اللي طلبتها
قلتله
والله العقود كانت عندي في المكتب معرفش اختفت فين.
المدير بصلي وقال
يا عادل إنت إنسان مهمل. إزاي تضيع عقود مهمة كده!
رجعت البيت وأنا متوتر لكن المرعب بجد إن اليوم اللي بعده لقيت نفس الملفات اللي اختفت من الشركة محطوطة على طرابيزة الصالة في بيتنا!
متشالين بنفس ترتيبهم وعليهم خيط أحمر مربوط على شكل عقدة.
أمي أول ما شافت الملفات قالت
إزاي وصلوا لحد هنا
قلت لها
فيه حاجات غريبة بتحصل يا أمي وبقت بتأذيني في شغلي كمان.
في نفس الأسبوع وأنا راجع بالليل من الشغل الطريق للبيت بيعدي من جنب أرض زراعية.
شفت في الضلمة عمي حمدان وعمتي سماح قاعدين مع راجل غريب لابس جلابية سودا ووشه متغطي.
سماح لمحتني من بعيد وضحكت ضحكة باردة جمدتني في مكاني.
الراجل اللي معاهم رفع راسه وبص ناحيتي عيونه كلها كانت سودا من غير بياض.
جريت على البيت وأنا مش فاكر نفسي.
تاني يوم في الشغل لقيت اللي أصعب.
عمي حمدان جالي المكتب ومعاه عمتي سماح.
استغربت
إيه اللي جابهم هنا
ابتسم ابتسامة مرعبة وقاللي
يا عادل البيت تقيل عليكم. إزاي تعيش إنت وأمك لوحدكم في بيت كبير زي ده
سماح كملت كلامه
بيع البيت يا ابني وإحنا نساعدك تلاقي شقة في أي مكان ترتاح فيها مع أمك.
اتوترت وقلت لهم
البيت ده مش للبيع ده بيت أبويا وجدي. ومش هسيبه أبدا.
سماح بصتلي بنظرة كلها ټهديد وقالت بهدوء
اللي ما يسمعش الكلام بيشوف اللي ما يتشافش.
وخرجوا من المكتب وسابوني مړعوپ.
بعد ما مشوا لقيت على الكرسي اللي كانوا قاعدين عليه نفس العلامة اللي شفتها في حلمي شجرة فرعها مكسور محفورة بخط غريب.
الساعة قربت 10 بالليل وأنا قاعد في الصالة براجع ورق من الشغل.
فجأة الباب خبط خبطة خفيفة.
قمت افتح لقيت ست واقفة شكلها غريب. لابسة عباية سودا قديمة ووشها باين عليه التعب وعينيها حمرا.
قالت بصوت واطي
أنا محتاجة مساعدة ممكن أقعد مع أمك شوية
اتفاجئت قبل ما أرد لقيت أمي طالعة بسرعة من المطبخ وقالت
اتفضلي يا بنتي تعالي اقعدي معايا.
الست دخلت وقعدت مع أمي في الأوضة.
سمعتهم بيتهامسوا بكلام واطي ما فهمتش منه حاجة.
بعد ساعة تقريبا الست خرجت ماشية بخطوات بطيئة كأنها مش بتمشي على الأرض.
أنا اتجمدت من منظرها.
سألت أمي بسرعة
مين دي يا أمي
أمي ردت وهي بتتنهد
دي واحدة محتاجة مساعدة وديتها اللي فيه النصيب.
الكلام خلاني أشك بس ما حاولتش أجادلها.
قعدت جنبها وبدأت أحكي
يا أمي عمي حمدان وعمتي سماح جولي الشغل النهاردة وقعدوا يقولولي أبيع البيت. وأنا قولتلهم لا البيت ده مش للبيع.
وأنا بتكلم عيني وقعت على أمي
اټصدمت!
عيونها كلها بقت سودا من غير بياض!
سودة كأنها حفرة.
فجأة قامت عليا بسرعة بقوة مش طبيعية وخنقتني من رقبتي.
كنت مش قادر أتنفس مسكت إيدها عشان أبعدها.
وقلت بكل قوتي
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم!
وبدأت أقرأ قرآن بصوت عالي
آية الكرسي قل أعوذ برب الفلق قل أعوذ برب الناس
كل ما أقرأ جسم أمي يهتز وصوتها يتحول لصوت غريب مش صوتها هي.
لحد ما عينيها اتقلبت واترمت على الأرض وهي بتتنفس بسرعة.
سيبتها مرمية وأنا مش مصدق.
خدت نفسي بالعافية وروحت جاري على شيخ الجامع الشيخ إبراهيم.
دخلت عليه البيت وأنا جسمي بيرتعش.
حكيتله كل حاجة عن الورق عن الدجال عن سماح وحمدان عن اللي حصل مع أمي.
الشيخ إبراهيم اتنهد وقال
أنا لازم أشوف بعيني.
ورجع معايا البيت.
أول ما دخل الصالة وقف مكانه فجأة اتسمر.
وشه اتغير وعينيه اتسعت پخوف.
قال بصوت مرتعش
أعوذ بالله إيه ده! أنا شايف
وسكت كأنه مش قادر يكمل من هول اللي شافه.
الشيخ إبراهيم كان واقف مصډوم عينه معلقة في اتجاه واحد.
بصيت ناحيته لقيته بيحدق ورا أمي وهي واقعة على الأرض.
قال بسرعة وبصوت واطي لكنه مليان رهبة
يا عادل خليك ثابت في ظل أسود واقف ورا أمك.
أنا جسمي اتجمد مكانه.
الشيخ رفع صوته شوية وقال
خلي بالك بلاش تديله ضهرك ارجع لورا زي ما أنا هعمل.
بدأنا نرجع بخطوات بطيئة عنينا على الظل اللي كان واقف.
لحد ما خرجنا من الشقة والباب اتقفل ورانا بقوة من غير ما نلمسه.
وقفنا على السلم الشيخ إبراهيم.
مسح عرقه وقال بصوت تقيل
والدتك متلبسها جن وجن مش عادي. ده أقوى نوع من الجن الكافر واللي بيتلبسه صعب جدا يتفك.
اټخضيت قلبي وقع في رجلي.
قلتله وأنا متلخبط
طيب ده ليه حصل يا شيخ إبراهيم منين
الشيخ





