
حماتي علمّتني إزاي أبكي من غير ما أطلّع صوت
قبل الفجر
أصلي وأجهز العجين
وأفتكر كل يوم وأنا بشتغل
إزاي ربنا بيعوضنا مش دايما بالناس
أحيانا بيعوضنا بنفسنا الجديدة اللي اتولدت من الوجع.
حنين كبرت وبقت في أولى ابتدائي.
كانت شبه ملاك
ضحكتها تشبه أول يوم شمس بعد مطر طويل.
وفي يوم سألتني
ماما هو بابا مات
سكت شوية وبعدين قلتلها
لا يا حبيبتي بس هو بعيد.
في ناس ربنا بيبعدهم علشان يحمينا مش علشان يعاقبنا.
ابتسمت وقالت
يعني هو مش شرير
قلت بابتسامة دافية
اللي بيغلط مش دايما شرير
بس اللي ما يتعلمش من غلطه هو اللي بيخسر نفسه.
كانت تفهم أكتر مما أتوقع.
وكل مرة تبصلي بعيونها الصافية
كنت بحس إن ربنا اختارها تكون جبر قلبي.
في يوم من الأيام كنت في المحل
دخل راجل غريب
واقف عند الباب
وبص حوالين المكان وكأنه بيتفرج على ذكرياته.
لما رفع عينه
اتصدمتكان كريم.
ما اتكلمتش.
هو كمان وقف ساكت
صوته مبحوح وهو بيقول
ما شاء الله المحل جميل زيك.
رديت ببرود مهذب
الحمد لله تعب سنين.
قرب مني بخطوة وقال
سمعت إنك ناجحة وإن بنتنا كبرت.
نطقت الكلمة اللي كانت غايبة عنه خمس سنين
بنتنا
ابتسمت بسخرية وقالت
دلوقتي افتكرت إنها بنتك
فين كنت لما كانت بتعيط وبتسأل عنك
لما كانت بتكتب في كراسة المدرسة بابا مسافر علشان يجيبلي لعبه
أنا ما حرمتك منها
إنت اللي اخترت الغياب.
سكت.
كانت ملامحه كلها ندم
وقال بصوت مكسور
كنت تايه كنت بدور على نفسي بعد ما ضيعتك.
قلت له
ولقيتها
نزل عينه وقال
لما دخلت هنا وشفتك حسيت إني لقيتها.
ضحكت بس ضحكة فيها وجع قديم
اللي بتدور عليه مش هنا يا كريم.
اللي كنت تعرفها ماتت ليلة ما اخترت تصدق كلام أمك وتسكت وأنا بتوجع.
اللي واقفةقدامك دلوقتي دي واحدة اتولدت من رمادها.
دمع وقال
ممكن أشوف بنتي ولو مرة.
ترددت لحظة وبعدين قلت
هتشوفها بس مش علشانك علشانها.
هي ليها الحق تعرف إن ليها أب
حتى لو الأب ده كان غايب.
جبت حنين من المدرسة
ولما شافته وقفت تبصله بحذر.





