
رواية كامله
ــ “ليه عمال النظافة بيشتغلوا ساعات إضافية من غير راحة؟!”
ساد الصمت، ولم يجب أحد.
قضى بقية اليوم يراجع ملفات الموظفين، واكتشف أن سارة أم عزباء تعمل في وظيفتين لتستطيع دفع الإيجار.
وصورة ابنها الصغير وهو يبكي بجانبها لم تفارق ذهنه.
حينما أفاقت سارة في المستشفى، وجدته جالسًا بجوارها.
نظرت إليه بدهشة وقالت:
ــ “أستاذ هايز؟ إيه اللي جابك هنا؟”
ابتسم بهدوء وقال:
ــ “ابنك اتصل بيا بالغلط… وأنا مبسوط إنه عمل كده.”
اغرورقت عيناها بالدموع وقالت بخجل:
ــ “آسفة يا فندم لو سببنا لك إزعاج.”
فردّ بابتسامة هادئة:
ــ “ما تعتذريش يا سارة… إنتِ بس فكرّتيني أنا المفروض أكون قائد إزاي.”
في الأسبوع التالي، أعلن جوناثان عن سياسة جديدة في الشركة:
رفع الأجور وتوفير تأمين صحي كامل لجميع عمال النظافة والدعم.
اعترض بعض التنفيذيين، لكنه قال بحزم:
ــ “الناس دي هي اللي مخليّة الشركة دي واقفة… وإحنا تجاهلناهم كتير.”
وعندما عادت سارة إلى العمل، وجدت أن وظيفتها تغيّرت — لم تعد عاملة نظافة، بل أصبحت مشرفة على قسم المرافق، بجدول عمل مرن يتيح لها رعاية ابنها.
وفي أول يوم لها بعد العودة، ذهبت إلى مكتب جوناثان وهي تمسك بيد ابنها وقالت بخجل:
ــ “شكرًا يا فندم، لو ما كنتش—”
فقاطعها مبتسمًا:
ــ “لا يا سارة، لو ما كانش هو.”
ثم نظر إلى الصبي وقال بحنان:
ــ “هو اللي أنقذ أمه… وفتح عيني أنا.”
بعد شهور، كان جوناثان كثيرًا ما يتذكر تلك المكالمة —
كيف أن رقمًا خاطئًا أصبح أصحّ قرار في حياته.
لقد ذكره أن القيادة ليست عن الأرباح أو السلطة…
بل عن الإنسانية





