قصص قصيرة

قصة ابنة في الرابعة عشرة كشفت سر زوج أمها قبل فوات الأوان

جسمك عند السقوط.
كانت ترتجف لكنها في النهاية هزت رأسها وصعدت إلى حافة النافذة. في تلك اللحظة سمعنا صوت المفتاح يدور في القفل.
همست بإلحاح 
سارة! الآن!
تشبثت سارة باللحاف بكلتا يديها وبدأت تهبط بسرعة قدماها تبحثان عن توازن على سطح الجدار. انزلقت حتى وصلت إلى آخر نقطة ممكنة ثم توقفت وبينها وبين الأرض أقل من مترين.
صرخت لها 
اقفزي الآن!
أفلتت اللحاف وقفزت. سقطت على العشب تدحرجت كما علمتها ثم نهضت بسرعة ولوحت لي لتطمئنني أنها بخير.
في اللحظة نفسها تقريبا انفتح الباب بعنف ووقف ريتشارد عند العتبة عيناه تتقدان بغضب داكن. نظر إلى النافذة المفتوحة ثم نحوي.
صرخ 
هيلين! ماذا تفعلين بحق الجحيم!
لم أترك لنفسي فرصة للتردد.
تشبثت باللحاف واندفعت من النافذة. شعرت بالهواء يصفع وجهي وبالقماش يحرق راحتي وأنا أنزلق بسرعة. سمعت صرخته وهو يقترب وشعرت بظله يخيم للحظة على حافة النافذة.
ما أن وصلت إلى نهاية اللحاف حتى أطلقت يدي وسقطت. اصطدمت قدمي بالأرض بقوة وشعرت بألم حاد يخترق كاحلي الأيسر لكن الأدرينالين طغى على الألم فلم أسمح لنفسي سوى بثانية واحدة للالتقاط أنفاسي.
اركضي! صرخت وأنا ألتقط يد سارة.
نظرت للأعلى فرأت ريتشارد يطل من النافذة وجهه مشوه بالغضب يصرخ باسمنا بجنون.
إنه سينزل قلت وأنا أجر سارة معي. يجب أن نسبقه.
ركضنا عبر الحديقة الخلفية تجاوزنا الأشجار الصغيرة وصلنا إلى السور المنخفض. ساعدتني سارة على تسلقه رغم ألم كاحلي وقفزنا إلى الجهة الأخرى حيث الشارع الجانبي. سمعنا من بعيد أصواتا قادمة من البيت ضوضاء ضيوف مرتبكين أبواب تفتح وتغلق وصوت ريتشارد يصيح بكلمات متقطعة لا نميزها.
واصلنا الركض نحو منطقة صغيرة من الأشجار كانت تفصلحينا عن الطريق العام. كان هناك ممر صغير يؤدي إلى بوابة خدمة حديدية تفتح ببطاقة سكان الحي.
لهثت سارة 
الممر هناك.
وصلنا إلى البوابة فوجدناها مغلقة. اقتربت منها أخرجت بطاقة المجتمع السكني من حقيبتي بأصابع ترتجف ومررتها على القارئ الإلكتروني وأنا أتمتم في داخلي بكل دعاء أعرفه.
لحسن الحظ أضاء الضوء الأخضر وسمعنا صوت كليك خفيفا فتحت الباب بسرعة ودخلنا إلى الجهة الأخرى إلى شارع هادئ قريب من مفترق طرق.
لم ننتظر طويلا حتى أوقفت سيارة أجرة مارة. دخلناها ونحن نلهث قلت للسائق 
إلى مركز كريست فيو التجاري لو سمحت.
ذلك المركز كان كبيرا ومزدحما مليئا بالكاميرات والناس ومكانا صعبا لأن يختلق فيه ريتشارد مشهدا دراميا يحرف به الحقيقة.
في الطريق سألت سارة وأنا أحاول التقاط أنفاسي 
ما زالت الصور في هاتفك لم تحذف
أخرجت هاتفها بسرعة فتحته أرتني الصور واحدة تلو الأخرى الزجاجة البنية غير المعلمة الورقة التي فيها الجدول الزمني لموعد تقديم الشاي وتوقيت ظهور الأعراض والاتصال بالإسعاف أرقام الدقائق خطه المألوف الذي أعرفه جيدا.
قلت بصوت مبحوح 
هذا هو ما سينقذنا.
عندما وصلنا إلى المركز التجاري دخلناه بسرعة. اخترنا ركنا جانبيا في مقهى هادئ نسبيا جلسنا فيه طلبنا كوبين من الماء فقط وكان كل ما أحتاجه في تلك اللحظة هو لحظة تفكير واحدة بعيدة عن أعين ريتشارد.
أخرجت هاتفي لأجد سيلا من المكالمات الفائتة والرسائل 
Helen where are you? The guests are worried.
Please come home. We can talk about whatever upset you.
Im really worried about you and Sarah.
ثم رسالة أطول 
اتصلت بالشرطة. أخبرتهم أنك خرجت من المنزل في حالة نفسية صعبة ومعك سارة. منفضلك لا تفعلي شيئا متهورا. فكري في ابنتك.
شعرت بالغثيان.
لم يعد الأمر مجرد محاولة قتل بل أيضا محاولة لتلويث سمعتي واتهامي بالجنون وتجهيزي ككبش فداء أمام الشرطة إن سارت الأمور على غير هواه.
لم أتردد أكثر. اتصلت بصديقتي القديمة من أيام الجامعة المحامية الجنائية فرانشيسكا نافارو. حين سمعت صوتي المرتجف فهمت فورا أن الأمر خطير.
شرحت لها كل شيء بسرعة من الورقة الأولى إلى الهروب عبر النافذة.
قالت بحسم لا لبس فيه 
هيلين استمعي جيدا. لا تعودي إلى البيت ولا تتواصلي مع الشرطة وحدك ولا تجيبي على مكالماته. ابقي في مكان عام ثابت واضح. سأأتي إليك إلى مركز كريست فيو خلال نصف ساعة تقريبا. إلى أن أصل لا توقعي على أي شيء ولا تسمحي لأحد أن يأخذ منكما إفادة رسمية.
أغلقت الخط وأنا أشعر لأول مرة منذ الصباح أن هناك من يقف إلى جواري.
خلال انتظارنا كانت سارة تحدق في الطاولة ثم رفعت رأسها فجأة وقالت بصوت منخفض 
تعلمين يا أمي شعرت منذ فترة أن شيئا ما في ريتشارد غير طبيعي. طريقته في النظر إليك حين تلتفتين النظرة الباردة التي تمر على وجهه قبل أن يضع ابتسامته اللطيفة طريقته في الحديث عن المال لكنك كنت تبدين سعيدة معه. لم أرد أن أكون الابنة التي تخرب كل شيء فظللت ساكتة.
حملقت فيها بذهول ممزوج بألم 
كان عليك أن تخبريني يا سارة. أنا أمك وليس من واجبك أن تحمي مشاعري على حساب أماننا.
نظرت إلى يديها 
كنت خائفة أن أكون مخطئة أن أظلم شخصا قد يكون في النهاية جيدا وأن أظهر كأنني أغار عليه أو أرفضه فقط لأنه زوج أم.
وضعت يدي فوق يدها وشددت عليها 
مهما حدث لا تلومي نفسك. أنت من أنقذ حياتي في النهاية.
في تلك اللحظة تقريبا رأينا شرطيين بزيهما الرسمييدخلان المركز ينظران حولهما ثم يتجهان مباشرة نحو المقهى كأنهما تعرفا على صورنا مسبقا.
تقدما نحونا وسأل أحدهما 
هل أنت السيدة هيلين مندوزا
أومأت بحذر 
نعم.
قال الآخر 
زوجك اتصل بنا أبلغ عن خروجك من المنزل في حالة نفسية غير مستقرة وأعرب عن خوفه عليك وعلى ابنتك. نحتاج أن نتأكد من أن كل شيء على ما يرام وأن الطفلة ليست في خطر.
قبل أن أفتح فمي تكلمت سارة بحزم لم أتوقعه منها 
هذا كذب! زوج أمي يحاول قتلها. لدينا دليل على ذلك في هاتفي.
نظر الشرطيان إلى بعضهما بنظرة تحمل شيئا من الشك. قال الأكبر سنا بنبرة رسمية 
سيدتي زوجك قال أيضا إنك تعانين من مشاكل نفسية منذ فترة وإنك رفضت المساعدة الطبية.
كان واضحا أن ريتشارد بدأ بالفعل ببناء صورته كزوج مخلص يحاول إنقاذ زوجته المضطربة.
أجبت والدم يغلي في عروقي 
هذا غير صحيح على الإطلاق. لم أشخص بأي مشكلة نفسية أبدا ولم أزر طبيبا في هذا الخصوص. زوجي يقول ذلك لأنه اكتشف أننا عرفنا بمخططه.
مدت سارة هاتفها نحوهم 
هذه هي الصور. هذه الزجاجة التي وجدتها في مكتبه مخبأة في الدرج. لا يوجد عليها أي اسم أو تعليمات. وهذه الورقة بخط يده فيها جدول لمواعيد تقديم الشاي لأمي ووقت ظهور الأعراض والاتصال بالإسعاف بعد أن يكون الوقت قد فات.
تبادلا النظر وهما يتفحصان الصور. قال الأكبر 
قد تكون هذه زجاجة عادية.
وقال الآخر 
والورقة قد تكون مذكرة لأي شيء.
في تلك اللحظة ظهر وجه مألوف عند باب المقهى فرانشيسكا.
تقدمت بخطى ثابتة عرفت بنفسها على الفور 
أنا المحامية فرانشيسكا نافارو أمثل السيدة هيلين وابنتها. من الآن فصاعدا أي حديث معهما سيكون بحضوري.
ثم التفتت إلى الشرطة 
كما أودأن أدون تحفظا رسميا على ما قيل في حق موكلتي حول حالتها النفسية فهو ادعاء بلا

الصفحة السابقة 1 2 3 4الصفحة التالية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock