
رفضت زوجتي
— “من فعل بك هذا؟”
توقفت قليلًا، ثم قالت كلما.ت هزت كياني:
— “الناس الذين كنت أظنهم أهلي… الذين كنت أسميهم إخوتي.”
تنهدت وقالت:
— “كنت في الثالثة عشرة… عدت من المدرسة متأخرة قليلًا، وكان الليل قد حل، وأثناء سيري في شارع مظل.م بالقرب من منزلنا، سمعت صوت سيارة تقترب وفجأة اختطفني أحدهم… ومنذ ذلك الحين أصبحت حياتي مظل.مة.”
واصلت:
“استيقظت بعد ساعات في المستشفى، جسدي كله يؤلمني، وبطني كان فيها جرح كبير نتيجة عملية… قالوا لي إنني وجدت مرمية على الأرض وكنت أنزف كثيرًا، فاضطر الأطباء لإجراء العملية لإنقاذ حياتي.
تكلم الناس بما أرادوا… لم يسمعني أحد، ولم يصدقني أحد.
بدل أن يقفوا إلى جانبي، رموني بكلامهم. وأهلي خافوا من كلام الناس، فخبأوني عن الجميع سنوات، حتى أصبحت مجرد ظل لنفسي.”
رفعت وجهها إليّ وقالت:
— “تعلمت أن أعيش بلا ثقة، بلا حلم… حتى جئت أنت، وافتكرت أن الله ربما يمنحني فرصة للبداية من جديد.”
جلست بجانبها وأنا أشعر بأن العالم يدوّخني.
كل ما كنت أراه سرّ غريب… كان وجع حياتها كلها.
مددت يدي بهدوء وأمسكت يدها، فكانت باردة كالثلج.
قلت لها بصوت خافت:
— “أعتذر لأن الدنيا ظل.متك هكذا، وأعتذر أكثر لأني كنت سأزيد وجعك.”
ظللنا صامتين، لكن كان هناك سكون غريب… سكون راحة بعد عاصفة.
من تلك الليلة بدأت حكايتنا من جديد.
قررت أن أكون سندها، لا مجرد زوجها.
أخذتها إلى طبيب نفسي بهدوء، وبدأت جلسات علاج طويلة،
كانت تخاف في البداية، لكن مع الوقت، كانت تعود إليّ بابتسامة صغيرة،
ابتسامة تقول: “أنا بخير بعد.”
بدأت تخرج، وتتعامل مع الناس، وتستعيد ثقتها بنفسها شيئًا فشيئًا.
كنت أقول لها كل يوم:
— “ما مضى صفحة احترقت، وما سيأتي سنكتبه بأيدينا.”
وفي يوم، وهي تحضر الطعام، قالت لي بابتسامة هادئة:
— “كنت أظن أني لن أضحك مجددًا… لكن يبدو أني نسيت كيف كنت أضحك.”
ضحكت معها وقلت:
— “لم تنسي، أنت تتعلمين من جديد… تتعلمين أن تعيشي.”
نما حبنا، ونما معه احترامنا لبعضنا البعض.
ومع مرور السنوات، أصبحت الكدمة في بطنها ليست مجرد أثر عار،
بل علامة على نجاتها… شهادة على أنها حاربت وقدرت أن تعيش.
واليوم، حين أراها تضحك وسط أطفالنا،
أدرك أن الله لم يجمعنا صدفة،
بل اختارني لأكون شاهدًا على معجزته فيها.
لم تكن تلك “ليلة الدخلة” كغيرها…
بل كانت ليلة غفران — ليلة امتحن الله فيها ضميري،





