
عاملة التنظيف التي تحدثت ثلاث لغات… فقلبت مصير الفندق
آلاف ريال. وأريدك أن تتولي هذا المنصب فهل تقبلين
وضعت يدها على فمها لا شعوريا وامتلأت عيناها بالدموع.
قالت وهي تكاد تبكي
أنا أقبل لكن لماذا أنا
أجابها بصوت صادق
لأن موهبتك لا ينبغي أن تبقى مختبئة خلف عربة تنظيف. مكانك الحقيقي ليس في التنظيف مكانك بين القادة.
بعد ثلاثة أشهر فقط تغير كل شيء بطريقة لم تكن كلارا قادرة حتى على تخيلها. أصبحت تدخل الفندق من الباب الرئيسي لا كعاملة تنظيف بل كمديرة مسؤولة عن فريق كامل يعمل تحت إشرافها. كانت تجلس في الاجتماعات الأسبوعية إلى جانب كبار المسؤولين تناقش خطط التطوير تقترح تعديلات وتعرض تحليلات دقيقة لحركة الضيوف الأجانب واحتياجاتهم. بدأت الوفود الأجنبية تطلبها بالاسم وأصبح وجودها في أي اجتماع دولي شرطا أساسيا لنجاحه.
كانت كلارا تستقبل الوفود بابتسامة هادئة ثم تتنقل ببراعة بين الإنجليزية والفرنسية والماندرينية وأحيانا البرتغالية الإسبانية التي كانت تتقنها أيضا فتدهش الجميع بقدرتها على شرح الأمور المعقدة بكلمات بسيطة وواضحة. كانت تحل المشكلات بحنكة وتعيد ترتيب الفوضى بخطوات مدروسة وتتعامل مع أصعب المواقف بثقة امرأة تعرف قيمتها جيدا.
لم تعد تلك العاملة الخجولة التي كانت تطرق رأسها خوفا من ڠضب المدير السابق. لقد أصبحت تقف مستقيمة الظهر ثابتة النظرات تعرف متى تتكلم ومتى تصمت ومتى تتخذ القرار المناسب. لم يعد أحد يجرؤ على التقليل من شأنها. حتى أولئك الذين لم يتقبلوا الأمر في البداية وجدوا أنفسهم يبجلونها بعد أن رأوا نتائج عملها وانضباطها وقدرتها على قيادة الفريق دون صړاخ أو ټهديد بل بروح عالية واحترام متبادل.
وأصبح الفندق نفسه أكثر نجاحا بفضل أفكارها فارتفعت التقييمات الدولية وزادت الحجوزات القادمة من الشركات العالمية التي كانت تشعر الآن بالثقة لوجود شخص قادر على فهمها وتقديم ما تحتاجه بدقة واحتراف.
وفي كل مرة كانت تمر من خلال الردهة كان الموظفون ينهضون لتحيتها يبتسمون لها باحترام صادق لا خوف ولا مجاملة بل تقدير لامرأة أثبتت أن المكان لا يصنع الإنسان بل الإنسان هو الذي يجعل للمكان قيمة. أما الضيوف فكانوا يسلمون عليها وكأنهم أمام مسؤولة دبلوماسية وتحرص الإدارة العليا على ذكر اسمها في كل تقرير نجاح أسبوعي.
حتى العاملون في أقسام التنظيف زملاؤها السابقون كانوا يشعرون بالفخر كلما رأوها ترتقي درجات السلم الإداري بثبات. كانت كلارا لا تنسى ماضيها بل كانت تكرمه تتوقف لتسألهم عن احتياجاتهم تحسن ظروف عملهم وتدافع عن حقوقهم في كل اجتماع. أصبحت صوتا لهم بعدما كانت صامتة لأجلهم.
وكل هذا كل هذا التحول العميق والمذهل بدأ في اللحظة التي قرر فيها شخص واحد فقط أن يراها حقا لا كعاملة تنظيف خلف عربة بل كإنسانة تحمل قدرات لا تقدر بثمن اللحظة التي مد فيها ماتيوس يده ليزيل الغبار عن جوهرة كانت مخفية لسنوات.
كانت تلك اللحظة بداية حياة
جديدة بداية مسار مهني وإنساني لم تكن لتصل إليه لولا أن أحدهم آمن بها وآمنت هي بنفسها بعدها.





