
تركوها لأنها حامل ببنت لكن ما كشفه الأطباء عن الولد المنتظر صعق الجميع
نفسي للمرة الأولى. ذهبت إلى البلدية وحصلت على أوراق الانفصال القانوني وقعتها وغادرت من دون أن ألتفت. عندما خرجت من المبنى انهمرت دموعي بغزارة على الرصيف المزدحم وسط المارة الذين لا يعرفون شيئا عن قصتي. ومع أن الدموع كانت مرة إلا أن صدري كان أخف من أي وقت مضى. لم يكن ذلك لأن الألم اختفى بل لأنني أخيرا اخترت أن أغادر مكانا ېقتلني ببطء بدل أن أبقى فيه وأراقب نفسي ټموت من الداخل.
غادرت ومعي القليل فقط بعض الملابس أوراقي بعض لوازم الطفل الذي لم يولد بعد وجرأة لا أعرف من أين جاءتني كي أبدأ من جديد. استقريت في سيبو بعيدا عن بيت عائلة دي لا كروز وبعيدا عن كل النظرات التي كانت تقيس قيمتي بمستقبل لم يولد بعد. وجدت عملا كمستقبلة في عيادة صغيرة. لم يكن الدخل كبيرا لكنه كان كافيا لأدفع الإيجار وأشتري ما أحتاجه من طعام وتحاليل متابعة الحمل. شيئا فشيئا بدأت أتعلم كيف أبتسم من جديد. أمي وبعض الأصدقاء القليلين صاروا عائلتي الحقيقية. كانوا يسألون عني لا لأنني زوجة فلان بل لأنني أنا.
وفي تلك الأثناء كانت كلاريسا المرأة الجديدة في حياة ماركو تدخل رسميا إلى بيت عائلة دي لا كروز. كانت أنيقة مرتبة تحب الصور وتعرف كيف تبتسم أمام الكاميرا. في كل مناسبة كانت حماتي السابقة تقدمها
بفخر
هذه هي السيدة التي ستمنح العائلة الطفل الذكر الذي سيرث أعمالنا.
كل كلمة كانت تصلني بطريقة ما عبر جارة قديمة أو صديقة مشتركة أو منشور على وسائل التواصل. لم أكن أعلق. لم أكرهها. لم أكن أملك رفاهية أن أضيع طاقتي في الغيرة. كنت فقط أترك الزمن يقوم بدوره وأركز على شيء واحد أن يأتي طفلي إلى عالم أقل قسۏة مما خرجت منه.
مرت الأشهر واقترب موعد ولادتي. في مستشفى حكومي متواضع في سيبو وفي ليلة هادئة لا تسمع فيها إلا أصوات خطوات الممرضات أنجبت طفلتي. كانت صغيرة الحجم دافئة لها عينان تلمعان كضوء الشروق. عندما حملتها بين ذراعي لأول مرة تلاشى كل شيء صوت حماتي صمت ماركو نظرات العائلة ألم الخسارة. كل ذلك صار بعيدا كحلم مزعج استيقظت منه أخيرا. لم أهتم أنها ليست الولد الذي انتظروه ولم أفكر للحظة إن كانوا سيعتبرونها وريثة أم لا. كانت معي. وكانت بخير. وهذا كل ما يهم.
سميتها إليسا.
كنت أنظر إليها وأشعر أن اسمها يحمل معنى الإخلاص لما تبقى من قلبي.
بعد أسابيع قليلة من ولادتي جاءني خبر أن كلاريسا وضعت مولودها أيضا. انتشر الاحتفال في بيت عائلة دي لا كروز كما لو أنهم حققوا نصرا تاريخيا بالونات زرقاء لافتات كبيرة مكتوب عليها أخيرا جاء الوريث! صور مشتركة على مواقع التواصل موائد طويلة مليئة بالطعام وضحكات عالية تملأ





