روايات

في عام 1995 رحل تركها وحيدة مع خمسة أطفالٍ سود البشرة وبعد ثلاثين عامًا ظهرت الحقيقة

جذع الياسمين.
أم صبرت أبناء تربوا في العاصفة وحقيقة دفنت لثلاثين عاما ثم خرجت بضياء لا يطفأ.
لم تتوقف قصة الأم عند حدود البلدة الصغيرة. شيئا فشيئا بدأت قصتها تغادر الأزقة الضيقة التي كانت شاهدة على انكساراتها. وصلت إلى القرى المجاورة ثم تناقلتها المدن ثم صارت تروى في المدارس والجامعات في دروس الأخلاق والصبر والقوة.
صار الناس يقولون 
هناك امرأة علمتنا أن الحقيقة تنام ولا ټموت وأن الظلم طويل لكنه ليس أطول من قلب أم.
كان كل من يسمع القصة يشعر بأن فيها شيئا أكبر من الظلم نفسه. فيها نور يشق العتمة لا بضوضاء بل بالثبات. فيها قوة هادئة لا تحتاج إلى صړاخ
بل تحتاج فقط إلى نفس طويل وقلب لا ينحني.
حتى الذين لم يعرفوها صاروا ينظرون إليها كرمز لا كحكاية. امرأة خرجت من رحم المحڼة أقوى مما دخلت إليه. امرأة صنعت من خمسة أطفال قادة وملهمين. خمسة أبناء جعلوا من جراح الماضي سلما صعدوا به إلى أعلى مما تخيل أحد.
وأصبح اسمها يذكر باحترام يشبه احترام الأساطير. لا لأنها خاضت حربا بل لأنها ربت جيلا كاملا دون أن تمتلك شيئا سوى قلب ثابت وحقيقة صادقة.
ومع مرور الزمن أصبحت حكايتها تروى بصوت واضح لا يخجل ولا يهمس.
حكاية تقول بأصوات ستة قلوب 
إن الحب أطول عمرا من الكراهية
وإن الصبر أقوى من الظلم
وإن الحقيقة حتى لو ډفنوها لثلاثين عاما تعود في النهاية لتعلو فوق كل شيء دون أن ترفع صوتها.
وهكذا طوت الأم آخر صفحة من حكايتها لا بالاڼتقام ولا بالصوت العالي بل بقلب ظل واقفا رغم كل العواصف. أدركت أخيرا أن الحقيقة قد تتأخر لكنها لا تضل طريقها. وأن الإنسان حين يثبت لنفسه قبل الآخرين يصبح أقوى من كل چرح. ومع أبنائها حولها شعرت أنها لم ترب خمسة أطفال
فقط بل ربت مستقبلا كاملا انتصر باسمها.

الصفحة السابقة 1 2 3 4 5

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock