
قصة فتاة حطّمت عائلتها على المنصّة بكلمة واحدة
الذي كان يهدد شركة والدي بالإفلاس.
نظرت مباشرة إلى الكاميرا بصوت بارد قاطع كحكم محكمة
وقد أرفقت شرطا قانونيا ملزما في اتفاق السداد يعاد الدين كاملا مع الفوائد فورا ودون رجعة إذا تعرض شرفي أو نزاهتي أو إنجازي الأكاديمي لأي تشهير من قبل المستفيدين.
نظرت إلى والدي.
لم يبق في وجهيهما أثر للكبرياء.
كانا شاحبين مذعورين.
أبي أمي قلت وصوتي يرتجف بحقيقة خيانتهم التي عشتها عمري كله
لقد اخترتما إذلالي علنا واخترتما أن أتنازل عن شرفي لإرضاء غروركما. وبهذا أنتما بنفسكما فعلتما الشرط القانوني وأعدتما الدين العقاري كما كان.
وضعت أوراقي على المنصة.
قلت كل ما يجب قوله.
كانت محاكمتي قد انتهت ومحاكمتهم قد بدأت.
غادرت المنصة
وسط تصفيق غريب قوي مزيج من الصدمة والاحترام وإدراك الحقيقة.
وقف والداي ومايا جامدين كتماثيل مكسورة وسط موجة بشرية هادرة.
لم يفقدوا الشرف الذي حاولوا سرقته فحسب بل فقدوا آخر أمل لهم في النجاة المالية.
لم ألتفت إلى الوراء.
سرت بثبات عبر الممر رأسي مرفوع ووشاح التخرج يرفرف كراية نصر.
خرجت من القاعة المظلمة الخانقة إلى ضوء النهار الطاهر.
كنت حرة.
كنت قوية.
كنت لأول مرة في حياتي ملك نفسي بالكامل.
وصوتي الداخلي ذلك الصوت الذي خنقته لسنوات حتى كدت أنساه كان يعلو أخيرا واضحا ثابتا لا يقبل العودة إلى الصمت.
كان يقول لي
أرادوني أن أتنازل أرادوني أن أكون ظلا باهتا في حياتهم ترسا صغيرا في آلة طموحاتهم محركا صامتايدفعهم إلى الأمام بينما يدفن اسمي تحت أقدامهم. أرادوني أن أتعلم الطاعة العمياء وأن أصدق أن قيمتي تقاس بمدى قدرتي على خدمة الآخرين لا بمدى قدرتي على الوقوف لنفسي.
علموني أن العائلة صفقة وأن الحب مشروط وأن الاحترام يمنح لمن يدفع لا لمن يجتهد. علموني حسابات الأرباح والخسائر لا حسابات الكرامة. ربوني على أن التضحية واجب لكن التضحية كانت دائما من طرف واحد طرفي أنا.
واستطرد صوتي وقد صار أشبه بمرآة تعكس حقيقتهم دون تزييف
لكنني اليوم لقنتهم درسا لم يتوقعوه. علمتهم أن الذكاء لا يشترى وأن الشرف لا يباع وأن الكرامة ليست عملة في جيب أحد. علمتهم أن الإنسان حين يفقد خوفه يصبح قوة لا يمكن كسرها.
ثم جاء الجزء الأشد مرارةوالأصدق
لم تكن عدم الامتنان مني بل منهم. عدم امتنان من يبيع ابنته مقابل لحظة فخر زائفة من يقايض عمرها وتعبها ودموعها بسطر في سيرة أختها. عدم امتنان من يرى في ابنه أو ابنته مشروعا اقتصاديا لا إنسانا له روح وقيمة.
وتابعت كلماتي في داخلي كأنني أجيب نفسي بعد عمر من الأسئلة
لقد اخترت نفسي أخيرا. اخترت أن أنهض من بين أنقاض نظرتهم لي. اخترت أن أعرف نفسي بنفسي لا بما يريده الآخرون. واليوم هم من سيواجهون نتيجة خياراتهم. هم من سيعيشون مع عواقب جشعهم مع صدى كلماتهم القاسية مع الوزن الحقيقي لظلمهم الذي لا يغتفر.
أما أنا فسأمضي إلى الأمام. لن أنظر خلفي. فأنا لست ابنة العائلة التي أرادت كسري بل المرأة التي اختارت أنتعيد بناء نفسها من جديد.





