قصص قصيرة

كلبٌ ينبح بجنون على امرأة حامل في المطار والحقيقة التي يكشفها رجال الأمن بعدها مذهلة

الإلكتروني من أشخاص يشكرون ريكس. وظهرت عريضة على الإنترنت تطالب بمنحه ميدالية خدمة K9 للشجاعة.
لم يكن دانيال معتادا على كل هذا الاهتمام. لكنه وهو يشاهد ريكس ينام قرب قدميه أدرك أن شيئا نادرا حدث في ذلك اليومليس عملا بطوليا تدرب عليه بل لحظة التقت فيها الحدس بالإنسانية.
بعد شهرين تلقى دانيال ظرفا صغيرا داخل خزانة عمله.
وفي داخله صورة لطفل ملفوف ببطانية زرقاء وتحتها ملاحظة مكتوبة بخط يدوي
اسمه لوكاس ريكس وورد. لأنه لولا شريكك لما كان حيا.
ابتسم دانيال تلك الابتسامة الصادقة الهادئة التي تنبع من أعماق الروح.
في ذلك المساء أقيمت في المطار مراسم بسيطة. حضر الصحفيون لكن الحفل لم يكن من أجل الكاميرات بل من أجل الامتنان. حضرت إميلي وهي تحمل طفلها نائما بأمان فوق صدرها.
وعندما وقفت أمام المنصة ارتعش صوتها وهي تقول
الناس يسمون ما حدث حظا لكنني أؤمن أنه شيء أعمق ارتباط. ريكس رأى ما لم يره أحد. لم ينقذ حياة فقط بل منح ابني مستقبلا.
انفجرت القاعةبالتصفيق. لوح ريكس بذيله غير مدرك لكل هذا الاحتفاء سعيدا فقط بوقوفه بجانب دانيال.
بعد انتهاء الحفل خرج دانيال مع ريكس إلى منصة المراقبة المطلة على مدرجات الطائرات حيث كان ضوء الغروب ينعكس على زجاج الصالة كشرارة برتقالية هادئة. امتد أمامهما المشهد الواسع للطائرات وهي تتحرك في نظام دقيق تتسارع شيئا فشيئا ثم ترتفع عن الأرض كطيور فولاذية تبحث عن مصائرها خلف الغيوم.
وقف دانيال صامتا للحظة يستمع إلى هدير المحركات والريح التي تلفح وجهيهما. شعر بصفاء غريب كأن العالم توقف احتراما لذلك اليوم المختلف. انحنى نحو ريكس وهمس بنبرة يملؤها الامتنان العميق الذي يصعب التعبير عنه بالكلمات
أحسنت العمل يا صديقي أكثر مما يستطيع كثير من البشر فعله.
اقترب ريكس منه وأسند جسده إلى ساقه يرفع رأسه قليلا كما لو أنه يفهم كل كلمة أو كأنه يقول بطريقته الخاصة أنا هنا دائما.
في تلك الليلة جلس دانيال على أريكة منزله المتواضع بينما كان ريكس مستلقيا عند قدميه يرفع أذنيه بينحين وآخر كلما صدر صوت من الهاتف. كان الضابط يتصفح مواقع التواصل الاجتماعي فوجد القصة لا تزال تتصدر الصفحات الأولى
صور للأم للطفل لريكس لمشهد الإنقاذ ولوجوه الأطفال الذين صنعوا رسومات صغيرة لوجه الكلب البطل وكتبوا تحتها شكرا لأنك أنقذته.
كانت آلاف القلوب قد تعلقت بعمل بطولي بسيط وهادئ نباح في الوقت المناسب.
غير أن تعليقا واحدا شد انتباهه أكثر من غيره تعليق قصير لكنه كان بمثابة خلاصة اليوم كله
ليس كل الأبطال يحملون شارات بعضهم يملك مخالب وقلبا يعرف كيف يسمع الألم.
ابتسم دانيال ونظر إلى ريكس الذي كان نصف نائم ونصف يقظ وكأنه مستعد للوثوب في أي لحظة إن احتاجه أحد.
قال في نفسهوفي قلبه
نعم هذا صحيح تماما. أنت بطل على طريقتك الخاصة.
خارج النافذة كان الغروب ينسدل على المطار ببطء والسماء تلونها درجات البرتقالي والأحمر والذهبي. أقلعت طائرة جديدة ارتفعت تدريجيا حتى صارت نقطة صغيرة في السماء. ورغم بعدها تخيل دانيال أنه يسمع خفق أجنحتها.
وتساءل فيداخله كم من القصص تبدأ وتنتهي فوق هذه السحب كم من الأرواح تتقاطع دون أن تدري
وفي مكان ما في تلك السماء الواسعة كان طفل صغير يدعى لوكاس ينام بطمأنينة رأسه يستند إلى صدر أمه ويدها تحيطه بحنان.
كان نبض قلبه ثابتا قويا كأن الحياة منحته فرصة جديدة ليعيشها كاملالأن كلبا واحدا مدربا ومخلصا رفض أن يتجاهل صوتا لم يسمعه أحد غيره.
ذلك الإدراك ترك أثرا عميقا في نفس دانيال. أدرك أن العالم رغم صلابته وأنظمته الصارمة وقوانينه التي لا تنتهي ما يزال يتسع لمواقف نادرة تولد في لحظة لحظة تثبت أن البطولة ليست دائما قرارا واعيا بل قد تكون استجابة صافية تنبع من قلب لا يتردد في حماية الضعيف.
وبينما أطفأ الأنوار وألقى نظرة أخيرة على ريكس الذي غفا أخيرا قال لنفسه
قد لا يعرف العالم اسمك يا ريكس لكنه لن ينسى ما فعلته.
وهكذا انتهى اليوم الذي غير حياة أم وأنقذ مستقبل طفل ومنح رجلا أمنا درسا لن ينساه
أن الشجاعة قد تأتي أحيانا في هيئة بسيطة هيئة كلب يهز ذيله لكنه يسمعالألم حين يعجز الآخرون عن سماعه.

الصفحة السابقة 1 2

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock