قصص قصيرة

عندما قال له سأجعل ابنتك تمشي لم يتوقع الأب أن المعجزة ستأتي من طفل مشرد

يا سيدي أستطيع أن أجعل ابنتك تمشي مجددا قالها صوت صغير مرتجف خلفه
استدار دانيال هايز ببطء وضيق عينيه المتعبتين وهو ينظر إلى صبي نحيل يرتدي ملابس ممزقة وقد غطى الغبار قدميه الحافيتين. لم يكن عمره يتجاوز التاسعة. كان وجهه ملطخا بالأوساخ لكن عينيهعينيه كانتا ثابتتين تحملان شيئا لم يره دانيال منذ زمن طويل الإصرار.
مر ستة أشهر منذ أن فقدت ابنته صوفي قدرتها على المشي. فعدوى في العمود الفقري أتلفت أعصابها ورغم كل علاج يمكن للمال أن يقدمه لم يسمع إلا الحكم نفسه من أفواه الأطباء 
لن تتمكن من المشي مجددا.
كان دانيال مطورا عقاريا يملك ثروة ضخمة يشاهد ابنته الحيوية تنطفئ أمامه. ضحكاتها التي كانت تملأ البيت اختفت وحل محلها صمت ثقيل. غرفتها امتلأت بأجهزة علاجية لم تحدث أي تقدم.
وفي تلك الظهيرة بينماكان يجلس على مقعد خارج مستشفى سانت لوك كان شعور الهزيمة يضغط على صدره. لأول مرة في حياته أدرك أن ثروته لا تساوي شيئا. عندها ظهر الصبي.
قطب دانيال حاجبيه. ماذا قلت
قلت إنني أستطيع مساعدتها على المشي كرر الصبي وصوته ثابت رغم الرياح الباردة التي تجتاح الشارع.
كاد دانيال أن يضحك لكن شيئا ما في هدوء الصبي جعله يتوقف. وكيف ستفعل ذلك أنت لست طبيبا أنت مجرد طفل.
هز الصبي رأسه. أعلم. لكنني ساعدت من قبل. أختي الصغيرةلم تستطع المشي بعد حادث. الأطباء فقدوا الأمل لكنني لم أفعل.
نظر إليه دانيال بريبة. والآن أصبحت تركض في الماراثونات أليس كذلك
ابتسم الصبي ابتسامة خفيفة وقال ليس إلى حد الماراثونات لكنها تمشي. لأنني لم أسمح لها أن تتوقف عن المحاولة.
كان في تلك الكلمات ما اخترق أعماقه. لقد التقى دانيال بعددلا يحصى من الأطباء المتخصصين الذين لا يتحدثون إلا بلغة الطب لكن لم يكن في أحد منهم ذلك الإيمان الذي يسمعه الآن في صوت هذا الطفل.
بعد صمت طويل تنهد دانيال وقال ما اسمك يا صغير
أجاب الصبي اسمي زيك.
قال دانيال وماذا تريد مني يا زيك
قال زيك ببساطة فرصة واحدة فقط. دعني أقابلها.
تردد دانيال ممزقا بين العقل واليأس. كان يعلم أن ما يفعلانه يبدو ضربا من العبث لكن فكرة أن يرفض بدت له خاطئة بطريقة ما.
وأخيرا وقف وقال بهدوء حسنا تعال معي.
عندما دخلا غرفة صوفي في المستشفى كانت جالسة قرب النافذة وقد غطيت ساقاها النحيلتان ببطانية. أضاء وجهها فضول مفاجئ عندما رأت زيك.
قال زيك بهدوء وهو يقترب من سريرها مرحبا أنا زيك. سمعت أنك كنت تحبين الجري كثيرا.
رمشت صوفي بدهشة وقالت كنت أحب ذلك لكنني لم أعد أستطيع.
ابتسمزيك ابتسامة لطيفة وقال ربما تستطيعين مرة أخرى.
كان دانيال يراقب في صمت وقلبه يخفق بقوة. ولأول مرة منذ شهور رأى بريقا غريبا يلمع في عيني ابنته الأمل.
وفي تلك اللحظة تحديدا أدرك دانيال أن هذا الصبيذلك الفتى الغريب الجريءقد يكون آخر معجزة لم يجربها بعد.
بدأ زيك يزورهم كل صباح. وكانت الممرضات يتهامسن مستغربات منظر صبي متشرد بثياب رثة يمشي بثقة في ممرات مستشفى سانت لوك النظيفة اللامعة متجها مباشرة إلى جناح الأطفال الخاص بدرجة كبار الزوار. لكن دانيال سمح بذلك. كان يشعر بأن وجود زيك يعيد الدفء إلى أيام صوفي.
بدأوا بخطوات صغيرة. كان زيك يجلس بجانب سريرها يحكي لها عن حياته في الشوارع وكيف كان هو وأخته يحولان الجري حفاة في الأزقة إلى لعبة وكيف كانت تبكي عندما تسقط للمرة الأولى لكنها في كل مرة كانت تنهضمن جديد.
قال لها

1 2الصفحة التالية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock