قصص قصيرة

حماتي علمّتني إزاي أبكي من غير ما أطلّع صوت

لما اتجوزت كريم كنت فاكرة إني داخلة بيت كله حب ودفا
لكن ما كنتش عارفة إني بدخل ساحة حرب مش بيت زوج.
من أول يوم حماتي مدام ناهد ما حبتنيش.
قالت عن طبخي مالوش روح
وقالت إني متعلمة زيادة عن اللزوم
وهادية زيادة عن اللزوم
وشايفة نفسي زيادة عن اللزوم.
كانت تهمس في ودن ابنها لما تفتكر إني مش سامعة
وبالتدريج بدأت أفقده.
في الأول كانت حاجات بسيطة صمت بارد بعد العشا
نظرات فيها لوم من غير سبب.
وبعدين بقت نبرته قاسية
كأنه بيكلمني مش كزوجته كحد غريب.
وفي يوم بعد ما قالت له إني ساحرة ابنه وساحبة عقله
صرخ في وشي لأول مرة.
في الليلة دي نمت في الصالة
بعيوني مفتوحة على السقف
بسأل نفسي
إزاي الحب اللي حلمت بيه بقى عقاب
كنت ناوية أجهز شنطتي وأرجع بيت أهلي
لكن ما عملتش كده مش علشان ضعيفة
لكن علشان كنت مؤمنة إن الحب ممكن يصلح كل حاجة.
وبعد فترة ربنا كرمني وحملت.
قلت خلاص يمكن لما تعرف إني حامل قلبها يلين.
لكنها قالتلي ببرود
فاكرة العيل هيخلي ابني يحبك أكتر هنشوف.
ولما ولدت بنتي رفضت حتى تشوفها.
وقالت قدام الناس
الطفلة دي مش شبهنا.
كل كلمة كانت سكينة في صدري
وكل نظرة منها كانت طعنة من غير دم.
أما كريم
ما قالش ولا كلمة
صمته كان أسوأ من كرهها.
ومن هنا اتعلمت أبكي في صمت.
لأن الدموع في البيت ده كانت تحسب ضعف
والصمت هو اللي كان سلاح البقاء.
بس الوجع له طريقة عجيبة في تعليم القوة.
وقوتي ما جتش فجأة
جت بالتدريج زي الفجر بعد ليل طويل.
وفي صباح من الأيام سمعتها بتزعق في المطبخ
النسوان دلوقتيما فيهمش احترام!
لولا ابني ما كنتي شوفتي الجواز في حياتك!
في اللحظة دي انكسر جواي شيء
بس ما كانش انكسار ضعف
كان انكسار بيولد قوة.
استدرت وقلت لها بهدوء
ماما أنا احترمتك أكتر من نفسي
بس الاحترام مش عبودية.
تحملت كلامك وغيبتك وكرهك
مش لأني جبانة
لكن علشان ما أحبش بنتي تكبر وتلاقينا بنتخانق.
بس من النهارده هتتكلميني كإنسانة مش ككيس ملاكمة.
سكتت.
حتى كريم وقف متجمد في مكانه.
كنت مرعوبة من جواي
بس لأول مرة قلبي كان هادي.
في الليل جمعت هدومي وهدوم بنتي.
ولما سألني
رايحة فين
بصيت له وقلت
رايحة لمكان فيه سلام
لما تفتكر الست اللي كنت بتحبها زمان
ساعتها هتعرف تلاقيني فين.
خرجت وأنا حافية
بس كان إحساسي بالحرية أغلى من كل شيء.
مرت شهور.
سكنت عند صديقة وبدأت أبيع مخبوزات صغيرة علشان أعيش.
بالتدريج رجعت أضحك أتنفس وأحب نفسي من جديد.
وفي يوم جالي اتصال.
كانت مدام ناهد مريضة جدا
الناس كلها قالت إنها خلاص أيامها معدودة.
لكن اللي وجعني مش مرضها
اللي وجعني إن ما فيش حد من أولادها سأل فيها.
اللي كانت بتفتخر بيهم وتقول عيالي ما فيش زيهم
نسيوها كأنها عمرها ما كانت لهم أم.
قعدت أبص في التليفون
أتردد أفتح رقمها وأقفله

1 2 3 4الصفحة التالية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock