
قصة الجنـازة
بعد جنازة ابنتنا البالغة من العمر 15 عاما ظل زوجي يكرر أننا يجب أن نتخلص من الأشياء القديمة الخاصة بها ولكن بعد ذلك وجدت ملاحظة غريبة في غرفة ابنتي. توقف العالم يوم ډفنا ابنتنا. لم تكن قد أتمت الخامسة عشرة بعد. أتذكر برد ذلك اليوم بردا لا علاقة له بالطقس بل بالفراغ الذي سكن روحي. وقفت عند قپرها كجسد متحجر في بحر من الوجوه الحزينة بالكاد أشعر بثقل يد زوجي على كتفي. كانت كلمات التعزية همسا بعيدا طنينا لا معنى له لم يستطع اختراق درع حزني. تقلص عالمي إلى شيء واحد نعش أبيض صغير جدا ينزل ببطء إلى الأرض. في الأيام التي تلت كان الصمت في منزلنا صړخة مدوية. صمت بدا زوجي ماركوس متلهفا لملئه بإلحاح قاس. علينا التخلص من كل أغراضها يا إيلينا كررها كأنها ترديد مكرر. إنها مجرد ذكريات. ستطاردنا ما دامت هنا. في مرة قالتها شعرت وكأن خنجرا يغرز قلبي. أشياء لم تكن أشياء . كانت شظايا حياة سلبت مني. فساتينها لا تزال ملتصقة بجسدها. كتبها وملاحظاتها على هوامشها. رائحتها مزيج عبير الزهور وحلاوة الشباب التي كنت أبحث عنها بيأس وسادتها ليلة. تبقى لي منها. إعلان قاومت بما قوة لكن ضغط ماركوس كان مستمرا يلين. بعد شهر العيش كشب . حبيتي استسلمت. ليس عن قناعة بل فرط الإرهاق. قررت أن أخوض التجربة وحدي. علي أودع شيء ذكرى بطريقتي الخاصة. بقلبي يخفق بشدة أدرت مقبض باب غرفتها عتبة أتجاوزها منذ ثلاثين يوما. الهواء ساكنا ثقيلا لكنه يزال يحمل أثرا جوهرها. شيء كما تركته تماما. دفتر رسمها مفتوحا المكتب وبجانبه قلم رصاص نصف مستخدم. تسلل ضوء الشمس النافذة مضيء ذرات الغبار تتراقص الهواء كأرواح صغيرة لحظات السعادة ملأت تلك الغرفة يوما ما. بدأت مهمتي المؤلمة. أخذت فستانا صيفيا ذاك الذي ارتدته رحلتنا الأخيرة إلى الشاطئ وضممته ص دري أستنشق بعمق محاولا التقاط صدى ضحكتها الريح. بكيت كتابها المفضل الأمير الصغير متذكرا كيف أشرقت عيناها عندما تحدثت النجوم. بمثابة أثر مرساة لماض بدا وكأنه لحظة وأبدية. أخرج الكتب الرف سقطت ورقة مطوية بين صفحات إحداها. انحبس أنفاسي حلقي. بيدي المرتجفتين التقطتها الأرض. فتحتها فانبعثت شفتي شهقة مكتومة. خطها واضحا. أمي إذا قرأت هذا انظري تحت السرير فورا وستفهمين شيء. قرأت الرسالة مرارا وتكرارا والكلمات ترقص أمام عيني المدمعتين. اجتاحني شعور الذعر والحيرة. أتدري قد يكون سريرها ذا أهمية بالغة بدأ خوف بدائي مظلم وغريزي يسيطر علي. استجمعت شجاعة أكن أعلم أنني أمتلكها وركعت الأرضية المفروشة بالسجاد. دق قلبي بقوة. حبست أنفاسي وأطللت السرير. البداية أر سوى الظلام. ذلك تأقلمت عيناي ورأيت شكل حقيبة قماش قديمة مخبأة الزاوية البعيدة. بجهد خارق سحبته. يداي ترتجفان بشدة لدرجة بالكاد استطعت فتحه. بداخله كنز صغير الأسرار دفتران وصندوق الحلي و هاتفه. الهاتف نفسه أخبرني أنه فقد يوم ۏفاته وأنه ربما أسقطه مكان سرت قشعريرة جسدي الكذبة. غمرني مرعب ومرعب وأنا أفتح هاتفي. بطاريته فارغة. مررت بإصبعي الشاشة فاتحا تطبيق الرسائل بشكل غريزي تقريبا. المحادثة الأولى مع صديقتها المقربة صوفيا. وما قرأته هناك جعل عالمي المحطم ينهار.




