
قصة حب لا يعرفها إلا المخلصون
في إحدى المدن السعودية القديمة كان الناس يعرفون بعضهم البعض بالخير والبركة وكان الزواج حينها أبسط وأجمل بكثير مما نراه اليوم. عريس شاب حديث التخرج من الجامعة وفتاة خلوقة معروفة بين جاراتها بالحياء والطيبة جمع الله بينهما في ليلة مباركة ليبدآ حياتهما تحت سقف واحد. الزواج لم يكن مجرد احتفال أو مظاهر بل كان التزاما مقدسا أمام الله عهدا بالرحمة والمودة. كان العريس يتطلع إلى أيام مليئة بالسعادة مع زوجته وكان قلبه يخفق بالأمل في أن تكون بداية أجمل سنوات عمره. بعد أيام من الفرح والتهاني قرر الزوجان السفر في رحلة قصيرة لقضاء شهر العسل. كان كل شيء مرتبا والفكرة في ذهن العروس أن هذه الأيام ستكون أجمل ما ستعيشه. لم تكن تعلم أن القدر يخبئ لها مفاجأة صاډمة.
في إحدى الليالي بينما كانت العروس في غرفتها بالفندق جلست أمام المرآة. نظرت إلى انعكاسها وشعرت بغصة في صدرها. منذ سنوات وهي تعاني من مشكلة صحية نادرة تسبب لها ظهورشعر كثيف في منطقة الذقن. لطالما كانت تخفي هذا السر بعناية تخشى أن يكتشفه أحد وخصوصا زوجها. لكن القدر شاء أن يكتشف العريس الأمر في تلك الليلة. دخل فجأة ليجدها تمسك بشفرة حلاقة وتحاول إزالة الشعر من ذقنها پخوف وارتباك. تجمد في مكانه من هول الصدمة بينما سقطت الشفرة من يدها وذرفت دموعها بغزارة. قالت وهي ترتجف أرجوك لا تتركني أعلم أنك ستطلقني الآن لكن انتظر فقط حتى ينتهي شهر العسل حتى لا يتحدث الناس عني بسوء. كانت كلماتها مليئة باليأس وكأنها تستجدي آخر خيط من الكرامة.
اقترب منها زوجها بهدوء. مسح دموعها بيده وربت على كتفها قائلا لماذا أطلقك هذا مرض ليس لك ذنب فيه ولا جريرة ارتكبتها. أنا تزوجتك من أجل قلبك وروحك لا من أجل مظهر عابر. كانت لحظة فارقة. لم تصدق أذنيها وتساءلت في داخلها هل ما زال هناك رجال بهذا النقاء لم يكتف الزوج بالكلمات بل بدأ فورا بالبحث عن أفضل الأطباء المتخصصين في علاج حالتها. تحول شهر العسل إلىرحلة علاجية يتنقلان بين المستشفيات والعيادات. ومع مرور الوقت بدأت حالتها تتحسن بشكل كبير حتى أن الأطباء طمأنوهما بأن العلاج سيعطي نتائج رائعة.
مرت السنوات والزوجان يعيشان حياة مليئة بالحب والتفاهم. لم يكن هناك أطفال ورغم محاولاتهما الكثيرة لم يرزقا بذرية. بعد مرور خمس سنوات قررا إجراء فحوصات طبية شاملة. الصدمة هذه المرة كانت على الطرف الآخر الزوج هو السبب. تبين أنه يعاني من العقم ولا يستطيع الإنجاب. جلس مع زوجته ودموعه تترقرق في عينيه وقال بصوت مكسور الآن جاء دوري أن أكون صريحا معك. لا مانع لدي أن أطلقك إذا رغبت. فأنت تستحقين أن تكوني أما وما ذنبك
أن تعيشي مع رجل عقيم كانت كلماته كسکين يغرس في قلبه قبل قلبها. لكنه قالها بدافع الحب أراد أن يمنحها فرصة جديدة للحياة.
رفعت رأسها وعينيها مغرورقتان بالدموع ثم ابتسمت ابتسامة حزينة وقالت وهي تمسك يده أتذكر ليلة شهر العسل حينما رأيتني أحلق ذقني كنت واثقة أنك ستطلقنيلكنك احتويتني وعالجتني بدلا من أن تتخلى عني. كيف تطلب مني الآن أن أتخلى عنك وأضافت بحزم يا زوجي الوفاء لا يقاس بالإنجاب ولا بالمال الوفاء أن نظل معا في السراء والضراء. كما احتويتني في ضعفي سأحتويك في حزنك. أنا لا أريد أولادا بقدر ما أريدك أنت. كانت كلماتها بمثابة عهد جديد ربطت مصيرها بمصيره إلى الأبد.
هذه الحكاية الواقعية لم تكن مجرد قصة حب عابرة بل درسا خالدا في معنى الوفاء الحقيقي بين الزوجين. الوفاء ليس كلمة تقال بل فعل يثبت في المواقف الصعبة. الزوج لم يترك عروسه عندما اكتشف مرضها. والزوجة لم تتخل عن زوجها عندما عرفت أنه عقيم. كلاهما قدم مثالا يحتذى به في الټضحية والإخلاص.
اليوم نسمع قصصا مؤسفة عن طلاق سريع لأتفه الأسباب زوجة تطلب الطلاق لأن زوجها لا يملك سيارة فاخرة. أو زوج يترك زوجته لمجرد مرض عارض أو عيب جسدي. لكن في زمن الطيبين كان الوفاء هو القاعدة وكان الصبر هو الحل وكان الناس يدركون أن الزواج رحلةطويلة





