
كنت أعلم أن زوجتي السابقة ستتزوج رجلاً فقيرًا، فقررت الذهاب للسخرية منها
ما زلت أتذكر ذلك المساء كما لو كان حدثا وقع بالأمس.
كنت جالسة في مقهى وسط المدينة أتصفح هاتفي بلا اهتمام وأرتشف لاتيه الكراميل المبالغ في ثمنه حين رن هاتفي فجأة. كانت صديقتي القديمة من أيام الجامعة كلارا. كان في صوتها ذلك اللمعان الفضولي الذي يجعل المرء ينتبه رغما عنه.
قالت دون حتى أن تلقي تحية
تخمين واحد من التي ستتزوج
سألتها بفتور
من
ضحكت ضحكتها الخبيثة المعتادة وقالت
أنتونيو. نعم تلك الأنتونيو خاصتك.
انقبض معدتي. أنتونيو خاصتي. لم أسمع اسمها منذ سنوات طويلة.
لكن كلارا لم تمهلني لأفكر بل تابعت وهي تزداد سخرية
ولن تصدقي بمن ستتزوج عامل بناء. لا مال ولا نسب ولا خلفية محترمة. رجل فقير ربما تفوح منه رائحة الإسمنت طوال النهار.
ضحكتضحكة عالية مصطنعة مريرة.
قلت هكذا إذا من حفلات كلية الحقوق إلى الطوب والمجارف
ضحكنا معا تلك الضحكة السطحية التي يلجأ إليها الناس حين ېكذبون على أنفسهم بأنهم بخير.
لكنني لم أكن بخير.
كانت أنتونيو صديقتي السابقة. ليست حبيبة سابقة رسميا لكن شيئا بيننا آنذاك كان يمكن أن يتحول إلى حب. كانت زميلتي في السكن خلال سنتنا الأخيرة في الجامعةجميلة ذكية لطيفة وصبورة إلى حد يثير الغيظ. كنت أعجب بها وأغار منها في الوقت ذاته. الجميع كان يحبها. الأساتذة الزملاء وحتى الغرباء.
كنت أظنها أفضل من الجميع.
لعله السبب الذي جعلني أعتبرها أمرا مسلما به شيئا مضمونا لا يمكن أن يرحل.
بعد التخرج افترقنا. وجدت عملا مرموقا في شركة استثمارية وتقدمت بسرعة وصنعت لنفسي الحياة التي ظننت أنني أستحقهاسيارة فاخرة ملابس مصممة وسفرات نهاية الأسبوع.
أما أنتونيو
توقفت عن متابعة حساباتها منذ زمن. رؤية سعادتها كانت تربكني وتؤلمني.
لذا حين سمعت أنها ستتزوج رجلا فقيرا شعرت بارتياح قاس ارتياح احتوى شيئا من الخبث.
قلت لنفسي
ممتاز. لنر كيف سينتهي خيالها الوردي الآن.
في يوم الزفاف وصلت إلى القاعة. ما إن ترجلت من سيارتي حتى شعرت بالأنظار تتبعنيتلك النظرات التي تمتزج بالإعجاب والفضول. كنت أرتدي فستانا أخضر حريريا خصص لي وحدي وجذوعي تتأرجح في كعب فخم ثمنه يعادل راتب شهر كامل لشخص عادي.
أخبرت نفسي أنني جئت بدافع الفضول لكن الحقيقة أنني أردت إثبات شيء
أنني ربحت وأن حياتي أفضل وأن خروجها من عالمي كان خسارة لها.
دخلت القاعة. كانت بسيطةزهور شرائط بيضاء موسيقى كمان هادئة. لا فخامة لا بهرجة. فقط دفء حقيقي.
كان هناك شيء مقدس في البساطة.
وجوه تبتسم بصدقليست ابتسامات المصلحة أو الاجتماعات الرسمية بل ابتسامات قلبية.
ثم تغيرت الموسيقى.
استدار الجميع نحو المدخل.
العريس كان يدخل.
للوهلة الأولى لم أتعرف عليه.
كان يرتدي بدلة بيج بسيطة بلا ربطة عنق بلا ماركات. لكن الطريقة التي سار بها كانت تحمل قوة هادئة.
لاحظت شيئا آخروقفة غير مستوية وساق اصطناعية تظهر من ثنية ساق البنطال.
ثم ضړبتني الذكرى فجأة.
العكاز
الخطوة الثقيلة
الوجه الهادئ
العيون الطيبة
إميليو.
جف حلقي.
كان زميلنا في الجامعةهادئا متواضعا من النوع الذي





