روايات

حتى تتمكن عائلتي من البقاء على قيد الحياة

أردت أن أصبح رساما اعترفت. لكن الطلاء لا يغطي تكلفة الكهرباء.
ابتسم ابتسامة خفيفة. ارسم على أي حال. سأتأكد من بقاء الأضواء مضاءة.
تحولت الأيام إلى أسابيع. وجدت نفسي أرسم مجددا في الاستوديو المشمس الذي فتحه لي. كان يقف أحيانا عند المدخل يراقبني بصمت. تحدثنا عن الفن والحزن والوحدة الهادئة التي تنجم عن فقدان شيء عزيز سواء كان شخصا أو حلما.
بدأت الشائعات تنتشر في عالم أعماله بأن الملياردير القاسې آخذ في التغير. ألغى اجتماعاته ليتنزه على شاطئ البحر. تبرع بملايين الدولارات سرا لإعادة بناء المدارس في حيي. عندما سألته عن السبب قال ببساطة لأنني أستطيع أخيرا أن أرى ما يهم.
لكن لم يوافق الجميع. واجهه محاميه ذات مساء قائلا
إنها من عائلة فقيرة يا دونوفان. الناس سيتحدثون.
تجمدت عينا دونوفان. دعهم يفعلون. لقد ذكرتني أنني ما زلت على قيد الحياة.
في تلك الليلة وجدني أبكي في المطبخ. سألته لماذا تساعدني أنت لا تدين لي بشيء.
نظر إلي مطولا. قال بهدوء تظنين أنني اشتريتك يا صوفيا. لكنني أنا من وقع في الفخ. أنت الوحيدة هنا التي تراني وليس مالي.
وقبل أن أتمكن من الكلام أضاف يمكنك المغادرة في أي وقت تريد. أنت حر.
ولكنني لم افعل ذلك.
مرت أشهر. لم يعد المنزل سجنا بل أصبح بيتا يملؤه النور والضحك. بدأت بتدريس دروس فنية لأطفال المنطقة الذين يرعاهم دونوفان. كان ينضم إلينا أحيانا جالسا على الأرض ببدلته يساعد الأطفال على خلط الألوان.
بدأ الناس ينادونه دونوفان هيل الجديد. لم يكن جديدا بل أصبح أخيرا على سجيته.
في ظهيرة أحد الأيام بينما كنت أنهي رسم جدارية في الحديقة وقف بجانبي. قال بهدوء لقد أعدت اللون إلى هذا المكان. ثم بعد صمت وأعدته إلي.
لم يتقدم لي بالماس أو بلفتات مبالغ فيها. أمسك بيدي الملطخة بالطلاء وقال ابق ليس لأنك مضطرة بل لأنك تريدين ذلك.
طمست الدموع الألوان من حولنا. همست لقد وصلت إلى المنزل بالفعل.
بعد عام من ليلة زارني والداي ليس في قصر ملياردير بل في منزل يغمره الفرح. كان دونوفان قد سدد ديونه بهدوء قبل أشهر. عندما حاول والدي شكره هز دونوفان رأسه قائلا ابنتك أنقذتني. أنا فقط أرد لك الجميل.
الآن عندما يسألني الناس كيف وقعت في حب رجل وصفه العالم بأنه بلا قلب أبتسم وأقول لأنني وجدت الحرية خلف جدرانه ووجد الحب في الفتاة التي لم يرغب بها أحد.
هل كنت ستبقى مثل صوفيا أم سترحل أخبرني ماذا كنت ستفعل لو كنت مكانها.

الصفحة السابقة 1 2

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock