قصص قصيرة

طفلة جائعة تبلغ من العمر 12 عامًا سألت: هل يمكنني العزف مقابل بعض الطعام؟

 ارتعشت أصابعها  ليس من الخۏف، بل من الجوع. راقبها الحشد، نصفهم فضولي ونصفهم يسخر، وهي تجلس.
ثم، بدأت بالعزف.
كانت النوتات الأولى ناعمة وغير مؤكدة لكن بعد ذلك جاء لحن في غاية الجمال أسكت كل همسة في الغرفة.

 كان اللحن مليئًا بالشوق والألم، وبشيء لم يستطع أحد تسميته تمامًا الأمل.
تحركت يداها الصغيرتان برشاقة تدل على سنوات من الممارسة، بالرغم من أن حذاءها كان باليًا ووجهها شاحبًا. انعكست الثريات في عينيها الممتلئتين بالدموع بينما تصاعدت الأغنية أكثر فأكثر، تتردد أصداؤها في القاعة الرخامية.
غطت سيدة في الصف الأمامي فمها، وتجمعت الدموع في عينيها. شعر السيد دالتون بشيء يشد على صدره — نفس اللحن كانت قد عزفته ابنته الراحلة ذات مرة، قبل سنوات.
عندما تلاشى النوتة الأخيرة، لم يتحرك أحد. كان الصوت الوحيد هو تنفس الفتاة الهادئ. ثم جاء التصفيق  صاخبًا ولا يمكن وقفه. نفس الأشخاص الذين سخروا منها قبل لحظات وقفوا الآن يصفقون حتى احمرت أيديهم.
نظرت حولها في حيرة. “هل… هل أنا سويت شي غلط؟”
“لا يا بنيتي،” قال السيد دالتون، وصوته يرتجف. “لقد فعلتِ شيئًا صحيحًا.”
بعد دقائق، كانت الفتاة تجلس على طاولة مستديرة محاطة بالنادلات اللاتي يقدمون لها طعامًا أكثر مما تستطيع أكله. جلس السيد دالتون بجوارها، غير قادر على أن يرفع عينيه عنها.
“وين أهلك؟” سأل بلطف.
“أمي كانت تشتغل في مدرسة موسيقى،” قالت بهدوء، بين لقمة وأخرى. “ماټت السنة اللي فاتت. وأنا صرت أعزف في الشوارع من وقتها.”
امتلأت عينا السيد دالتون بالدموع. مد يده في جيبه وأعطاها قلادة فضية صغيرة. “هذه كانت تخص ابنتي. أعتقد أنها كانت تريدك أن تحصلي عليها.”
في تلك الليلة، أجرى مكالمة  لمؤسسته، ومحاميه، ولأفضل مدارس الموسيقى في البلاد. الطفلة الصغيرة التي عزفت من أجل الطعام لن تجوع أبدًا مرة أخرى.
بعد أشهر، استضافت نفس قاعة الحفل الخيري حفلًا موسيقيًا  وعلى المسرح وقفت الفتاة نفسها، ترتدي الآن فستانًا أبيض، تعزف أمام حشد لم يعد يرى طفلة فقيرة، بل عبقرية وُلِدت من الألم والشجاعة.
ومن بين الجمهور، ابتسم السيد دالتون والدموع في عينيه، يهمس: “أنتِ لم تطعمي نفسكِ فحسب، يا عزيزتي… بل أطعمتِ أرواحنا.”

الصفحة السابقة 1 2

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock