قصص قصيرة

طفلان مشـ. ـرّدان طلبا بقايا الطعام… لكنهما أعادا لأمٍّ قلبها المفقـ . ـود

على جبهة التحقيق التقطت آنا خيط اللوحة المعدنية من كاميرا المأوى وربطته بمستودع مهجور في ضاحية صامتة. ترك الرجل السيارة وباعها لسمسار خردة. أظهر السجل اسما جاري هيوز. موظف سابق في مهرجان متنقل لديه سجل توقيفات پتهم حيازة مسروقات وتشغيل قاصرين. عند مداهمة غرفته المستأجرة عثر على بقايا أساور مهرجان وبطاقات تذاكر قديمة ودفتر رقيق فيه حسابات ليلية طعامبنزينمأوىدواء وفي أحد الهوامش LE.
حين واجهوه أنكر. وحين رأى صورتي التوأم صغيرين على الطاولة نظر بعيدا. سألته آنا سيبتهم ليه
قال بصوت متعب بقوا كبار ومصاريفهم بقت كتير
سكتت آنا لحظة ثم قالت وبعدين بتسيب بشړ في الشارع لما تكبر مصاريفهم
لم يجب. وضعوا الأصفاد في يديه. القصة التي دامت سنوات انتهت بجملة باردة وجرس يغلق باب زنزانة.
لم يشف كل شيء مع القبـ . ــض عليه.
ظلت الليالي تحمل ارتجافا متقطعا وظهر في سلوك ليام أثر لقدرة عجيبة على التوقع يسمع وقع القدم قبل طرق الباب يعرف اتجاه الريح قبل سقوط المطر يختزن في جسده ذاكرة نجاة. أما إيثان فكان يجيد ملء الصمت بحكايات صغيرة ينسجها من لا شيء لو كان عندنا كلب كنت هسميه ماكس فترد إيما مبتسمة عبر الدموع كان عندنا ماكس فعلا وكان بيحبكم أوي.
مرت شهور وثبتت الحضانة قانونيا. نقلت إيما عملها ليصير عن بعد ملأت الثلاجة بطعام يسهل نطقه قبل أكله بيتزاعصيرتفاح سمت الأشياء لتطمئنهم أن الأسماء تعود كما يعود الناس. استعاد التوأم الدراسة بخطة مدروسة مع معلمة ظل تسير بجوارهما في ممرات مدرسة صغيرة لا تشبه الضوضاء الثقيلة. في كل خطوة كانت إيما تتعلم أن الأمومة بعد الفقد ليست استعادة فقط بل ابتكار للحياة من جديد.
وفي ذكرى اليوم الذي اختفيا فيه حملت إيما صندوقا صغيرا إلى الحديقة. جلست على مقعد خشبي ونادتهما تعالوا ندفــ . ــن اللي وجعنا مش علشان ننساه علشان ما يحكمناش.
وضع ليام في الصندوق السکين البلاستيك ووضع إيثان الكرة المطاطية. وضعت إيما ورقة كتبت فيها سنظل معاحتى لو انطفأت كل الأنوار.
دفــ . ــنوا الصندوق تحت شتلة دوار الشمس الجديدة التي زرعتها إيما صباحا. حين رفعوا التراب هبت نسمة لطيفة مرت بين رؤوسهم الثلاثة كيد تربت على قلوبهم.
كان لا بد من خاتمة للعدالة أيضا.
جلسوا في قاعة المحكمة يوم النطق بالحكم. لم تسمع إيما الكلمات حرفا حرفاكانت تراقب يدي ولديها متشابكتين على ركبتيهما. حكم القاضي على جاري هيوز بالسجــ . ــن لسنوات عدة پتهم الخطڤ والإهمال والإيذاء واستغلال قاصرين. لم تهتف إيما ولم تصفق. اكتفت بأن تخرج نفسا طويلا يشبه إطلاق سراح روح محپوسة.
في المساء عند العشاء قال إيثان

بفم ملطخ بالصلصة ماما ينفع نرجع كلب
نظرت إليه إيما ثم إلى ليام الذي كان يخفي ابتسامة حقيقية تحت نظرة متماسكة. قالت ينفع بس هو اللي هيختارنا.
بعد أسبوع اختارهما كلب ملجأ بني العينين وضع رأسه على ساق ليام منذ اللحظة الأولى ورفض أن يتحرك. سموه Beaconالمنــ . ــارة. صار ينام عند باب غرفتهما كل ليلة كأنه حارس جاء متأخرا لكنه جاء.
وفي ليلة شتوية انقطعت الكهرباء مرة أخرى. تحرك Beacon إلى الباب وقف ليام في مكانه لكنه لم يبحث عن مخرج. أشعلت إيما شمعة كما وعدت. جلس الثلاثة على الأرض ولعبوا لعبة الظلال على الحائط. ضحك إيثان حتى دمعت عيناه. وحين عاد النور لم يتحرك أحد. كان النور هذه المرة في الداخل.
بعد عام تماما على اللقاء الأول في المطعم عادوا إلى هاربر هاوس. جلسوا إلى نفس الطاولة. طلب ليام شيئا جديداسلطة قيصروقال لعم الطاولة ممازحا إحنا كبرنا يا عم. طلبت إيما حليب شوكولاتة للجميع على سبيل الذكرى فقهقه إيثان دلوقتي بقيتوا أنتوا اللي بتبوظوا النظام!
ضحكت إيما ثم وضعت على الطاولة ظرفا صغيرا أبيض. فتحه الصبيان فوجدا عقدين جديدين دائرتين فضيتين منقوشتين كل واحدة تحمل حرفين L و Eلكن على الوجه الآخر كلمة صغيرة Home.
قالت إيما المرة دي العقد مش علشان ما نضيعش. المرة دي علشان نفتكر إننا لقينا بعض.
عند الباب استدار ليام فجأة ونظر إلى الصالة كمن يبحث عن شبـ . ــح قديم ثم هز رأسه وكأنه يغلق بابا داخليا بهدوء. مد يده إلى يد أمه فقبـ . ــضت عليها بلا تردد وتعلقت يد إيثان بساعدها الآخر. خرجوا إلى ليل المدينة والثلج يتهاتف خفيفا على الرصيف وثلاثتهم يمشون بخطى متساوية لا تستعجل ولا تتراجع.
لم تنته كل الحكاية عند هذا الحدلأن القصص التي تكتب بالدمع لا تختم بنقطة بل بنبض يستمر. لكن إيما عرفت أخيرا ما لم تعرفه لسنوات
أن القلب الذي ظل مفتوحا على شباك الأمل سيجد يوما من يقف عنده ويقول نحن هنا.
وفي دفتر قديم كانت تخبئه تحت الوسادة منذ ست سنوات كتبت جملة واحدة ثم أغلقت
الصفحات
لم أسترد ولدي فقط استرددت نفسي.

الصفحة السابقة 1 2

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock