قصص قصيرة

اشتغلت خدامة عند رجل أعمال غني. 

اخرجوني ارجوكم!
كان أول صوت سمعته عندما دخلت من الباب الخلفي لقصر عادل السيوفي ليس صدى خطواتي على أرضية الرخام بل بكاء.
لم يكن بكاء طفل مدلل بل كان نحيبا يائسا حادا جعل شعر ذراعي يقف.
وصلت للتو أحمل حقيبتي البالية لأبدأ عملي الجديد كخادمة مقيمة. كان هذا العمل فرصتي الأخيرة فقد كنت على وشك أن أصبح بلا مأوى بعد خسارتي لعملي السابق. وكان هذا القصر الفخم المفترض أنه سيكون خلاصا لي.
كانت المطبخ صامتا لامعا وباردا كالمقاپر.
هتتعودي على ده جاءني صوت جعلني أقفز مڤزوعة.
كانت عاملة أخرى ترتدي زي الخدم اسمها منى تلمع صينية فضية بحركات آلية.
تمتمت لنفسها يا ساتر البت نسرين هاتجنن تاني.
سألتها
نسرين
أشارت بعينيها للطابق العلوي حيث يأتي البكاء.
زوجة الأستاذ عادل وزوجة أبي الطفلة.
اشتد البكاء وتحول لصړاخ مذعور.
ثم سمعت صوتا حادا باردا ېصرخ من فوق
اقعدي وعيطي! لحد ما تتعلمي الأدب!
ثم دوى صوت باب يصفق بقوة اهتزت لها الأرضية تحت قدمي.
سألت منى وقلبي يتسارع
والأستاذ عادل
ردت بتهكم
مسافر دايما مسافر. شوفي يا بنتي خليكي في حالك. اسمعي مني. الشغل هنا صعب. متسأليش ومتكلميش. اعملي شغلك وبس.
لكنني لم أستطع.
تركت حقيبتي وركضت أتبع الصوت.
صعدت السلم الكبير ركضا. وعند الوصول للطابق الثاني خرجت امرأة من إحدى الغرف.
كانت مذهلة الجمال شعر أشقر ألماس يلمع وملامح باردة متحجرة. لا شك أنها نسرين.
توقفت عندما رأتني ثم اعتدلت بسرعة ومررت يدها على بلوزتها الحريرية.
إنتي الخدامة الجديدة سلمى
نعم يا مدام.
كان البكاء ما زال يتصاعد من الغرفة التي أغلقتها.
قالت ببرود
البنت عاملة نوبة صړيخ تانية. لما تهدى ادخلي نظفي أوضتها.
ثم نظرت إلي من أعلى لأسفل
البنت كويسة. بس صعبة. فاهمة
ومشت تاركة وراءها سحابة من العطر الباهظ حتى خرجت من البيت دون أن تلتفت.
لكن البكاء لم يتوقف.
وقفت أمام الباب المغلق.
حبيبتي أنا سلمى. ممكن أتكلم معاكي
هدأ البكاء قليلا ثم تحول إلى شهيق خاڤت.
كانت الغرفة مقفلة. رأيت مفتاحا رئيسيا على الطاولة بجانب الدرج أخذته وفتحته.
انفتح الباب بصرير ثقيل.
كانت الغرفة مظلمة الستائر مغلقة. وفي الزاوية كانت طفلة صغيرة ربما خمس أو ست سنوات ترتجف تضم ركبتيها لصدرها ووجهها ملوث بالدموع والتراب.
هذه ليست نوبة ڠضب.
هذه خوف.
اقتربت ببطء.
اسمك إيه يا حبيبتي
ارتجفت وقالت بصوت مبحوح
ليلى.
ابتسمت رغم قلقي.
اسم جميل ليلى. انتي جعانة
أشارت إلى بطنها ثم أومأت.
فطرتي امتى النهارده
لم ترد. عيناها امتلأتا دموعا.
ما.. كلتش.
كان الوقت الواحدة ظهرا.
نسرين نسيت
هزت رأسها بحركة صغيرة حزينة
بتنسى دايما.
في تلك اللحظة أدركت.
هذا ليس إهمالا عابرا.
هذا عڈاب.
مددت يدي
تعالي يا روحي نأكلك حاجة حلوة.
وضعت يدها الصغيرة الباردة في يدي.
ومن تلك اللحظة أدركت أنني لم آت هنا لأكنس وأمسح فقط.
أنا هنا لأحميها.
الجزء الثاني
كانت ليلى مختلفة كما يصفها الناس. لكن ما وجدته لم يكن اختلافا طبيعيا. بل خوف خلقته الظروف.
كانت بالكاد تتكلم لا لأنها لا تستطيع بل لأنها تخشى أن تتكلم.
مرت ثلاثة أسابيع.
في النهار أكون

1 2الصفحة التالية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock