قصص قصيرة

دفَعني عن السُّلَّم… فدفعتُه إلى الهاوية

اقترب الدكتور لويس من السرير ورفع الغطاء برفق وكانت أطراف أصابعه تحمل من اللين ما لم أعرفه منذ سنوات طويلة بعدما اعتدت أن تكون كل اللمسات في حياتي قاسية غليظة موجعة.
قال وهو يطالع الكدمات والضمادات
لديك كسر في عظم الزند في ذراعك اليسرى وثلاثة أضلاع مكسورة وارتجاج في الرأس. كما توجد كدمات أقدم على الجذع والفخذين. بعضها يبدو حديثا وبعضها لا.
شعرت بإيثان يتجمد إلى جانبي كتلة غضب خفية تحت قناع القلق المصطنع.
ابتسم بتوتر وأجاب بسرعة
كما قلت لكم هي دائما كانت ها قليلة الانتباه. لقد أخبرتها كثيرا أن تكون أبطأ وهي تنزل الدرج. نفكر منذ مدة بتركيب حاجز إضافي.
قلت بهدوء
هناك حاجز بالفعل. وأنا أنظفه كل أسبوع.
غاص إبهامه في جلد يدي يضغط بقسوة مموهة كأنه يذكرني بما يجب وما لا يجب أن أقوله.
نظر إلي الدكتور لويس نظرة طويلة لم يوجهها إلى إيثان بل إلي أنا وحدي. ثم خفض صوته قليلا.
كلير هل سقطت حقا
سؤال بسيط. لكن حياة كاملة يمكن أن تنقلب بسببه.
أومأت.
نعم. همست.
تنفس إيثان بارتياح وشعرت أن قبضته تخفقليلا كأن الخطر مر بجانبه ولم يصبه.
لكن الطبيب لم يتحرك.
سأل السؤال الثاني.
السؤال الذي يغير مصائر.
وهل ساعدك أحد على السقوط
تجمدت الغرفة.
توقف كل شيء.
حتى قلبي.
سمعت أنفاس إيثان تتغير. شعرت بالتوتر يسري في جسده كشرارة كهربائية.
هذا هو اللحظة. اللحظة التي هيأت نفسي لها شهورا طويلة. اللحظة التي بني عليها كل شيء خططته بصمت.
بلعت ريقي وشعرت بحرقة في حلقي كأن الكلمات تجرحني من الداخل.
قلت
نعم. لقد فعل.
ثم التفت نحوه ببطء بثبات وأنا أواجه عينيه.
لقد دفعني.
اختفت ابتسامته فورا.
ذابت كما يذوب الحبر تحت المطر.
قال بصوت مختنق
ماذا تقولين
ولأول مرة منذ سنوات رأيت الخوف في عينيه.
الخوف الحقيقي.
الخوف الذي لا يقدر أي رجل على إخفائه.
كنت ممدة أضلعي تحترق ذراعي تنبض ألما رأسي يدور كدوامة
ومع ذلك شعرت بشيء لم أشعر به منذ زمن بعيد.
لم يكن خوفا.
كان قوة.
لو قابلت إيثان قبل عشر سنوات لأحببته.
الجميع أحبه في البداية.
التقيته في عيد ميلاد لصديقة مشتركة تلك الحفلات التي تضاء بالفوانيس الصغيرة وتملأ بطاولاتالجبن التي تكلف ثروة. كنت في الخامسة والعشرين منتشية بترقيتي الجديدة أشعر بأن العالم أخيرا يفتح أمامي.
دخل إيثان متأخرا يقدم الاعتذارات بابتسامته نصف المنحنية الساحرة حاملا أزهارا وزجاجة نبيذ بدا ملصقها أجنبيا فترفعت عن الاعتراف أنني لم أفهم منه شيئا.
سأل هل هذا المقعد شاغر
قلت مبتسمة أصبح الآن كذلك.
ضحك.
أنا إيثان.
وأنا كلير.
تحدثنا طوال الليل. كان بارعا في الاستماع في السؤال في جعل الإنسان يشعر بأنه مرئي مقدر مختار من بين الجميع.
كان يتذكر التفاصيل الصغيرة اسم كلبي عمل والدي كرهي للتوت باستثناء الفطائر.
كان ناجحا أيضا. أطلق حديثا شركة استشارات تحسين مؤسسي لم أفهم المصطلح لكنه كان يبدو مهما للغاية حين نطق به.
في موعدنا الثالث حضر العشاء في شقتي الصغيرة.
طهيا متقنا ونبيذا فاخرا وضحكا هادئا ملأ المساء.
قلت له يمكنني الاعتياد على هذا.
فأجاب مبتسما إذن اعتادي.
سرعان ما تحرك كل شيء بسرعة. حذرني الناس لاحقا من ذلك لكن في تلك اللحظة شعرت أننا نركض معا نحو حياة مشرقة لا نهرب من شيء.
تعرفإلى عائلتي نال إعجابهم واكتسب ثقة والدي لدرجة أنه بكى يوم تقدم لخطبتي.
قال له والدي
اعتن بابنتنا.
وأجاب إيثان بثقة مطلقة
سأفعل دائما.
ولمدة من الزمن بدا أنه يفي بوعده.
إلى أن
لم يبدأ الأمر بضرب أو صراخ.
بل بدأ بجملة صغيرة عابرة تشبه وخز الإبرة.
هل ستخرجين بهذا اللباس

1 2 3الصفحة التالية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock