
دفَعني عن السُّلَّم… فدفعتُه إلى الهاوية
في الماضي كنت سأرتعش.
أما تلك الليلة كان داخلي ثابتا صلبا كأني أعرف أن النهاية اقتربت.
كان كل شيء معدا
كاميرا صغيرة في السقف.
حساب سري.
محامية تتابع.
صديقة داعمة.
مستندات مخفية.
رسائل معدة للطوارئ.
وحين دفعني نحو الدرج واهتزت الأرض تحت قدمي ثم انقلبت مرارا حتى اصطدمت بالقاع
كان آخر شيء شعرت به قبل أن يغمرني الظلام
هو أن الوقت قدحان.
بعد أن اتهمته أمام الدكتور لويس سقطت الأقنعة.
أخرجوه من الغرفة.
بقيت وحدي لأول مرة منذ سنوات دون ظله يلاحقني.
ثم تحدثت.
كل شيء.
بصوت منهك لكنه صادق.
سألوني
هل سبق وهددك
هل ضربك من قبل
هل تشعرين بالأمان معه
وكان جوابي
نعم.
كثيرا.
أبدا.
ثم ظهرت العاملة الاجتماعية.
والشرطية.
والمحققة.
وصوت القانون أخيرا.
ثم أحضر إيثان مكبل اليدين يغلي جنونا.
صرخ
أنت لا شيء من دوني! لن تستطيعي العيش!
وأخرجوه.
وأغلق الباب.
وهدأت الغرفة.
وعرفت أن الدائرة التي ظل يرسمها حولي لسنوات انكسرت.
لم أشعر بالسعادة حين خرجت من المستشفى.
لم يكن التحرر دويا أو صاخبا.
كان يشبه الصمت بعد حادث اصطدام حين لا تعرف ما الذي ما زال يعمل وما الذي انهار في الداخل.
انتقلت إلىشقتي السرية.
شقة صغيرة باردة لا تحمل من الماضي شيئا.
مقعد متواضع.
طاولة مستعملة.
نبتة تحتضر.
ومع ذلك شعرت أنها الجنة.
كل جلسة تحقيق.
كل ورقة.
كل دليل.
كل وثيقة.
كانت تسقط من سلطته طبقة بعد طبقة كقشرة بصل تنزع ببطء.
خسر عمله.
خسر سمعته.
خسر احترام الناس.
خسر شركاءه.
خسر حياته الاجتماعية.
وخسر فوق كل شيء السيطرة علي.
كان يتصل.
يتوسل.
يهدد.
يتقمص كل أدواره القديمة.
لكنني لم أعد ذاك الشخص.
لم أعد أجيب.
لم أعد أرتجف.
لم أعد أعود إلى الوراء.
انضممت إلى مجموعة دعم.
عدت لعملي.
واجهت نفسي.
بكيت.
تعافيت.
تغيرت.
لم أعد تلك الفتاة التي اعتقدت أن الحب يعني التحمل.
ولا تلك المرأة التي ظنت أن المغادرة انهيار.
ولا تلك الزوجة التي كانت تخاف من الوحدة أكثرمن الألم.
كنت أعاد بناء نفسي لبنة لبنة.
هدوءا بعد ضجيج طويل.
تعلمت أن الهدوء ليس فراغا.
بل مساحة لالتقاط الأنفاس.
ومساحة لاستعادة الهوية.
ومساحة للعودة إلى الحياة.
وأدركت شيئا جوهريا
هو لم يكن صيادا.
كان مجرد رجل يعتمد على خوف الآخرين.
أما أنا
فكنت المهندسة التي حفرت طريق الهروب تحت قدميه دون أن يشعر.
وفي يوم من الأيام حين دفعني إلى السقوط كان في الحقيقة يسقط هو.
سقط في الفخ الذي حفرته منهجية وصبرا وذكاء.
اليوم لا أتابع أخباره.
لا أبحث عن مستجداته.
لا يهمني ماذا خسر بعد.
أعد قهوتي كل صباح.
أفتح النافذة.
أتنفس بعمق.
أقرأ كتابا.
أضحك مع صديقتي هانا.
أسقي نبتتي التي أصرت بطريقة غريبة أن تعيش.
وأتذكر نفسي كل يوم
الخوف ليس ضعفا.
الخوف نسخةغير مكتملة من القوة.
لقد ظن أنه الصياد.
لكنني كنت منذ اللحظة الأولى المهندسة.
وهذه ليست مجرد نجاة.
إنها انتصار.
النهاية.





