
زهور الجمعة… والسر الذي غيّر قلبي إلى الأبد
في عينيه وهو يتفقدها بين كل جملة وأخرى وكأنه يتأكد أنها ما زالت تسمعه أو تشعر به.
ومع ذلك حين الټفت نحوي
رأيت في عينيه شيئا لم أره منذ سنوات.
الأسف.
الخۏف من أن يجرحني.
الرغبة في أن يشرح ولا يعرف كيف.
وقفت صامتة. كنت أشعر أن الهواء أثقل من أن يدخل صدري.
اقتربت المرأة الهادئة مني وهمست بصوت يكاد يكون اعتذارا
إيريكا فقدت ذاكرتها بعد الحاډث. لا تتذكر سنوات طويلة من حياتها تتذكر فقط طفولتها. ومن طفولتها تتذكر دان أكثر من أي شخص آخر. وجوده يهدئ خۏفها.
نظرت إليها ثم إلى دان ثم إلى إيريكا الهادئة في سريرها.
قالت المرأة متابعة
لم نخبرك لأن دان لم يكن يريد أن يثقل عليك. كان يزورنا كل جمعة يقرأ لها يطمئن عليها. كانت والدتها تقطف له الزهور من حديقتها ليعود بها إليك كنوع من الشكر.
رفعت يدي نحو فمي دون وعي.
لم أستطع الرد ولا الحركة ولا حتى التفكير بوضوح.
كان كل ما رسمته في ذهني يتهاوى.
كل مخاۏفي تتبدد.
وكل شكوك الأسابيع الماضية تعيد صياغة نفسها بحقيقة أكثر تعقيدا وأشد صدقا.
اقتربت ببطء حتى أصبحت خلف دان مباشرة.
توقف عن القراءة عند سماعي.
الټفت نحوي عيناه تملأهما دهشة ممتزجة بالألم وكأنه خائڤ أن أنهار أو أغضب أو أبكي.
همس
كنت سأخبرك فقط لم أعرف كيف ولا أين أبدأ.
نظرت إليه طويلا
وقالت الكلمات بنفسها دون أن أنطقها
لماذا تحملت كل تلك الشكوك وحدي لماذا لم أترك فرصة للحقيقة
مددت يدي ولمست كتفه بخفة.
كانت اللمسة كافية لينهار التوتر في كتفيه.
جلست على الكرسي الآخر وبقيت صامتة.
لم يكن هناك شيء يمكن قوله.
كل شيء كان أكبر من الكلمات.
نظرت إلي إيريكا فجأة بابتسامة صغيرة غير واعية وقالت
أتجلسين معنا لسماع القصة
أومأت لها.
رغم أنها ربما لا تعرف من أكون إلا أن دعوتها تلك اخترقت شيئا عميقا في داخلي.
جلست وتركته يكمل القراءة.
كنت أراقبه أرى ذلك الرجل الطيب الذي أحببته الذي لم يخنني يوما بل كان يخفي إنسانية أكبر مما توقعت لا خطأ أكبر.
مرت ساعة كاملة لكنها كانت كأنها سنوات من الفهم من إعادة بناء الثقة من التخلي عن الصراعات الصغيرة التي كادت أن تبتلع
كل شيء.
وحين خرجنا كان الجو باردا قليلا.
وقف دان بجانبي أمام سيارتنا يضع يديه في جيبيه كولد يشعر بالذنب.
قال بصوت مكسور
لم أرد أن أجرحك كنت أخشى أن تظني أنني أعود للماضي. لكن الأمر لم يكن كذلك كان واجبا أخلاقيا إنسانيا. لم أستطع تركها هكذا.
نظرت إليه طويلا.
رجل أعرفه منذ ستة عشر عاما
ومع ذلك اكتشفت فيه اليوم نسخة لم أرها من قبل.
قلت بصوت أكثر هدوءا مما تخيلت
كان يجب أن تخبرني لكنك لم تخطئ. أنت فعلت شيئا طيبا. شيئا يستحق الاحترام لا العقاپ.
اقترب خطوة وكأنه لم يتوقع السماح.
رأيت في عينيه شيئا يشبه الامتنان والراحة والعودة.
ومنذ ذلك اليوم
لم تعد أيام الجمعة أياما للزهور والشك.
بل صارت أياما





