قصص قصيرة

قدّمها كـ موظفة صغيرة لكن صديق والده كشف هويتها الحقيقية أمام الجميع

حياتي كلها ستقضي في البحر. كنت أظن أنني أفهم معنى الخدمة والولاء والواجب.
سكت لحظة ثم أضاف
أظن أنني لم أكن أفهم شيئا مقارنة بما فعلته أنت.
دفع بالصندوق نحوي.
خذيه.
نظرت إلى الخاتم ثم إلى وجهه.
إلى تلك الخطوط التي حفرها الزمن والقلق وإلى الإصرار الغريب في عينيه.
قلت بلطف
لا يا أبي هذا خاتمك أنت. أنت الذي earnedته بعرقك ووقتك. لا أحتاجه لأثبت شيئا.
هز رأسه بإصرار
لم أعطك شيئا طوال حياتك سوى كلمات تصغرك. دعي هذا يكون أول شيء أعطيك إياه لأنك أكبر من كل ما قلت.
ترددت ثانية ثم أغلقت الصندوق وأعدته إليه بهدوء.
ليس بعد.
قلت ذلك بابتسامة خفيفة.
احمله أنت قليلا بعد. عندما أكون جاهزة لأخذه سأطلبه منك.
ابتسم لأول مرة منذ دخلت الحديقة.
ابتسامة صغيرة لكنها حقيقية بلا أقنعة ولا استعراض.
اتفقنا.
مرت أسابيع بعد ذلك اليوم ثم شهور.
لم تتغير حياتي العسكرية كثيرا.
ما زلت أستيقظ مبكرا أوقع على أوامر أجلس في غرف مغلقة بلا نوافذ إلا شاشة خرائط تضيء وجوه الرجال الذين ينتظرون كلمتي.
أعود مرهقة أتناول قهوة سوداء بلا سكر أتابع تقارير لمعارك لن يعرف أحد أنها حصلت.
لكن شيئا واحدا تغير فعلا
هاتفي بدأ يرن باسم أبي أكثر من ذي قبل.
لم يعد يسألني
هل ما زلت في العمل الإداري
ولا
متى ستتركين هذا الجيش وتتفرغين لحياتك
صار يسأل أسئلة مختلفة تماما
ما معنى أن تكوني أدميرال
كم عدد الرجال الذين تعتمد حياتهم على قرار واحد منك
هل تخافين أحيانا قبل أن توقعي
كنت أجيب بما يسمح به القانون وبما يسمح به قلبي.
في أحد الأيام قلت له
تريد أن تعرف حقا ما الذي أفعله يا أبي تعال معي.
أخذته معي إلى مركز المحاربين القدامى.
كان المكان مليئا برجال فقدوا أطرافا وآخرين فقدوا جزءا من أرواحهم في الحروب.
جلس بينهم في البداية كأي زائر.
ثم مع الوقت صار واحدا منهم.
يصب القهوة لهذا.
يجلس صامتا يستمع لذاك.
يهز رأسه باحترام عندما يروي أحدهم قصة فقد رفيق سلاحھ في مهمة لم تذكر أبدا في الأخبار.
في أحد الأيام خرجنا من المركز معا وقال لي وهو يسير بجانبي بخطى بطيئة
أظنني بدأت أفهم جزءا صغيرا مما تحملينه.
نظرت إليه وسألته
وأنا هل بدأت أخيرا أفهم شيئا عنك أنت
ضحك بحزن
ربما نحن الآن في نفس الصف نعيد دراسة الكتاب نفسه من البداية.
لم يكن التغيير سريعا ولا سحريا.
كان بطيئا يشبه التئام الچروح القديمة التي لم تخاط بشكل صحيح.
في ليلة هادئة بعد سنوات من ذلك اليوم في الحديقة تلقيت اتصالا من المستشفى.
والدك
قالت الممرضة بلطف رسمي.
حالته غير مستقرة. من الأفضل أن تأتي.
لم أطرح أسئلة كثيرة.
ارتديت الزي ليس لأن المناسبة رسمية بل لأن هذا هو وجهي الحقيقي الآن.
دخلت غرفته في جناح العناية فوجدته أضعف بكثير مما تركته لكن في عينيه ذلك البريق نفسه الذي رأيته يوم قال أنا آسف.
ابتسم عندما رآني.
رفع يده بصعوبة فأمسكت بها.
أليكس
همس وكأن الكلمة تتطلب منه مجهودا كبيرا.
تذكرين الخاتم
ابتسمت رغم الغصة.
نعم يا أبي.
أشار بعينيه نحو درج صغير.
فتحته فوجدت الصندوق الخشبي نفسه.
هذه المرة لم يفتحه هو.
تركني أنا أفتحه.
داخل الصندوق كان الخاتم ومعه ورقة صغيرة مطوية بعناية.
فتحتهما معا.
الخاتم كان كما هو.
لكن الورقة حملت سطورا قليلة مكتوبة بخط يده المرتعش
أليكس
لم أكن أرى.
الآن أرى.
لم يكونوا هم من يخفون عني حقيقتك كنت أنا من يرفض رؤيتها.
إن كنت قد غفرت لي ولو جزءا صغيرا فخذي هذا الخاتم ليس كرمز لما كنته أنا بل كاعتراف بما أنت عليه أنت.
أنا فخور بك حتى وإن لم أتعلم كيف أقولها مبكرا.
أبوك.
لم أستطع منع الدموع هذه المرة.
سقطت واحدة على الورقة فمسحتها بسرعة حتى لا يتلطخ الحبر.
نظرت إليه فوجدته يراقب
وجهي وكأنه

الصفحة السابقة 1 2 3 4الصفحة التالية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock