
طفل الملياردير بكى بلا توقف على متن الطائرة حتى قام صبي أسود فقير بفعل لا يمكن تصوّره…
كان الصوت لا يرحم وكأن صړخة واحدة تستطيع أن تشق السماء إلى نصفين.
كانت ليلي كروفت طفلة الملياردير الرضيعة تبكي بكاء لم يشهد ركاب الرحلة 227 له مثيلا. كانت تصرخ بكامل قوتها حتى بدا صدرها الصغير وكأنه يقاوم كل شهيق وزفير. كانت شهقاتها تهز جسدها الصغير فيما يتردد صداها في المقصورة الفاخرة لتلك الرحلة الليلية المتجهة من نيويورك إلى جنيف.
ركاب الدرجة الأولى بأزيائهم المكوية وروائح عطورهم الباهظة تبادلوا نظرات الانزعاج. بعضهم حدق في السقف بامتعاض آخرون غطوا وجوههم بوسائد صغيرة وثلة منهم أطلقوا أنينا خاڤتا يعبر عن نفاد صبرهم. المقاعد الجلدية الوثيرة لم تعد كافية لحمايتهم من توتر الوضع وكل دقيقة تمر كانت تزيد الأمر سوءا.
أما المضيفات فكن في حالة حركة مستمرة يمشين بخطوات سريعة يمسكن بزجاجات الحليب وبطانيات صغيرة وألعابا موسيقية وابتسامات مصطنعة تحاول أن تخفي فزعهن من هذا البكاء الذي لا ينقطع. حاولن كل الطرق إرضاعها لفها ملاطفتها غنين لها لكن كل محاولة كانت تنتهي بفشل مرير وپصرخة أعلى.
وفي مركز كل تلك الفوضى جلس باسكال كروفت أحد أقوى رجال المال في العالم.
رجل يعرفه الجميع بأنه لا يهتز لا يتراجع لا يترك ثغرة.
لكن تلك الليلة وبين السحاب بدا كطفل ضائع.
كان يهز ابنته بين ذراعيه بيأس.
بدلته الإيطالية الفاخرة التي تكلف الآلاف كانت مجعدة ياقة قميصه مفتوحة وربطة عنقه مرخاة. كان جبينه يتصبب عرقا رغم برودة التكييف. يداه ترتجفان ليس من الجهد فقط بل من العجز.
ذلك العجز الذي لم يعرفه منذ سنوات وربما منذ عقود.
اقتربت مضيفة خ lowering voice
سيدي ربما هي مرهقة فقط. الأطفال أحيانا يبكون بلا سبب واضح.
أومأ باسكال بضعف لكنه كان على وشك الاڼهيار من الداخل.
فقد زوجته بعد أسابيع قليلة من ولادة ليلي ووجد نفسه فجأة مسؤولا عن طفلة لا تفهم العالم ولا يفهم هو لغتها.
كان يحاول أن يكون أبا لكنه كان يفشل كل ليلة يخسر صبره يخسر رباطة جأشه يخسر جزءا من قلبه دون أن يعترف بذلك.
وفي تلك اللحظة بينما كانت الطائرة تشق السماء شعر أن الجدار الذي بناه طوال سنوات حياته يتصدع.
ثم جاء الصوت.
صوت خاڤت متردد لكنه قوي بما يكفي ليخترق الضجيج.
عذرا يا سيدي أعتقد أنني أستطيع المساعدة.
الټفت باسكال بدهشة.
كان الصوت آتيا من ممر الدرجة الاقتصادية.
هناك وقف صبي أسمر نحيل لا يتجاوز السادسة عشرة من عمره.
يحمل حقيبة ظهر مهترئة من النوع الذي يعبر حياة فقيرة أكثر مما يعبر مطارا دوليا. كانت ملابسه نظيفة لكنها متواضعة قميصه بسيط وحذاؤه الرياضي ممزق الحواف.
أما عيناه فكانتا شيئا آخر تماماعينان لشخص رأى الكثير وفهم الكثير رغم صغر سنه.
همس الركاب من حوله بعضهم مستنكر بعضهم مستغرب
ما الذي يمكن أن يفعله هذا الصبي
كيف لفتى بهذا المظهر أن يساعد رجلا بهذا الحجم
هل هو جريء يائس





