
طفل الملياردير بكى بلا توقف على متن الطائرة حتى قام صبي أسود فقير بفعل لا يمكن تصوّره…
أو ببساطة لا يعرف مكانه
في هذه اللحظة سأل باسكال بصوت مبحوح
ومن أنت
بلع الصبي ريقه وقال بتردد يختلط بالثقة
اسمي ليو فانس. أنا ساعدت في تربية أختي الصغيرة. أعرف كيف أهدئ الأطفال. إذا سمحت لي فقط بالمحاولة.
بقي باسكال صامتا لثوان.
صمت طويل في قلب رجل يعيش دائما بسرعة الضوء.
غرائزه كرجل أعمال ملياردير مسؤول عن ثروة وشركات وصورته العامةكلها صړخت في داخله
لا تثق.
لا تترك أحدا يقترب.
السيطرة أولا.
لكن في تلك اللحظة كانت صرخات ليلي تمزقه ببطء.
وكانت نظرات الركاب تثقل كتفيه كحمل لا يمكن احتماله.
فرفع رأسه وأومأ.
تقدم ليو بخطوات حذرة.
مد ذراعيه كما تفعل أم تعرف جيدا لغة الأطفال.
اقترب من الصغيرة وابتسم ابتسامة خفيفة تكاد لا ترى ثم همس
هشش يا صغيرة. هشش كل شيء بخير.
هزها برفق.
بدأ يدندن لحنا بسيطا لحنا صادقا يشبه صوت الريح في ليالي الصيف.
وبينما كانت الطائرة تواصل رحلتها عبر السماء حدث الأمر الذي لم يتوقعه أحد.
تراجع بكاء ليلي تدريجيا.
توقفت شهقاتها.
انفرجت قبضتاها الصغيرتان.
ثم أغلقت عينيها وغفت في سلام.
ساد الصمت.
صمت لم يسمع منذ ساعات.
مقصورة كاملة من الأغنياء ورجال الأعمال والمشاهير ظلوا يحدقون بصمت في ذلك الصبي الذي يحمل طفلة الملياردير كما لو كانت طفلته هو.
تنفس باسكال بعمق وكأنه لم يتنفس منذ دهر.
ولأول مرة منذ سنوات شعر أن الضوء يمكن أن يدخل قلبه من جديد.
اقترب من ليو وسأل
كيف فعلت ذلك
هز ليو كتفيه بابتسامة خجولة
أحيانا لا يحتاج الأطفال إلى حل بل يحتاجون أن يشعروا بالأمان.
كانت جملة بسيطة لكنها أصابت باسكال في الصميم.
الأمان
ذلك الشيء الذي فشل هو في منحه لابنته رغم كل ثروته.
ومع مرور الوقت ومع استقرار الطائرة جلس ليو بجانبه.
وبينما كانت ليلي نائمة بينهما بدأ الصبي يحكي قصته قصة حي فقير في بالتيمور أم تعمل ليلا ونهارا دفاتر رياضيات مستعملة أحلام أكبر بكثير من القدرة على تحقيقها لكنه لا يستسلم.
وعندما علم باسكال أن ليو متجه إلى الأولمبياد الدولي للرياضيات وأن أهل حيه جمعوا المال بصعوبة لتذكرة سفرهشعر بشيء يشبه الانكسار والدهشة والفخر في آن واحد.
وعند الهبوط لم يكن الأمر مجرد وصول إلى أرض جديدة بل كان بداية خيط رفيع من
ارتباط لا يشبه أي علاقة عابرة. كان باسكال يلتفت إلى الصبي بين الحين والآخر دون أن يدرك السبب وكان ليو يشعر للمرة الأولى أن هناك عينين بالغتين تراه حقا كأحد الفقراء الذين تعود الناس تجاهلهم بل كإنسان له قيمة.
وفي الأيام التالية وبينما كان باسكال يحضر اجتماعات مكتظة بالمستثمرين ورجال الأعمال كان ليو يجلس في غرفة جانبية يراقب ليلي أو يكتب معادلاته على مناديل ورقية وأوراق متناثرة. لم يكن ضيفا ولم يكن موظفا بل كان شيئا يشبه الرفيق الحضور الذي يملأ الفراغ دون أن يصدر ضجيجا.
وكان باسكال في كل مرة ينظر فيها إلى الصبي وهو يهتم بليلي بحنان فطري يشعر





