قصص قصيرة

الطفلة التي وُلدت تحت عاصفة… وتبنّاها عشرة قلوب من حديد

ذلك الأسبوع انطلقت ذئاب الحديد على دراجاتهم نحو الصليب الخشبي الصغير قرب الطريق. وضعت هوب وردة بيضاء بجواره ووقف الرجال في صمت بينما كان هدير المحركات يخف في الخلفية.
وضع جاك يده على كتفها وقال 
إنها تراك الآن وأظن أنها فخورة بك للغاية.
بعد سنوات طويلة كبرت هوب لم تعد تلك الرضيعة التي احتضنها جاك تحت العاصفة ولا تلك الصغيرة التي كانت تلون خوذاتهم بالوردي وتلصق الملصقات على خزانات الوقود.
صارت اليوم شابة قوية بملامح جميلة تشبه أمها وبقلب يحمل مزيجا عجيبا من الحنان والشجاعة مزيجا تعلمته من امرأة ماټت تمنح ومن رجال عاشوا ليحموا.
اختارت دراسة علم الاجتماع ثم تخصصت في العمل مع الأمهات المشردات وضحايا العڼف الأسري.
كانت تقول دائما لأصدقائها في الجامعة 
ليست الكتب وحدها من ربتني
الشارع رباني والخۏف رباني ورجال قست وجوههم ولانت قلوبهم هم من منحوني معنى العائلة.
وعندما بدأت عملها في مركز حكومي لمساعدة الأسر الفقيرة لقبت بسرعة ب ملاك الشوارع.
كانت تدخل الأزقة ليلا بلا خوف.
تجلس على الأرصفة بجوار النساء اللواتي فقدن كل شيء.
تحمل الأطفال المذعورين وتربت على ظهورهم حتى يهدأوا.
وتفتح أبواب الملجأ لكل أم لا تملك مكانا تبيت فيه.
كان زملاؤها يندهشون 
من أين تأتي بهذا الصبر
بهذه القوة
بهذه الرغبة المحمومة في إنقاذ الآخرين
وكانت تجيب بابتسامة لا تشبه إلا طفلة نجت من الثلج 
لأن عشرة دراجين وجدوني يوما ما في العاصفة
ولو لم يفعلوا لما كنت هنا الآن كي أنقذ أحدا.
كبرت هوب وكبرت معها ذ آيرون وولفز.
لم يعودوا فقط عصابة دراجين.
أصبحوا مؤسسة خيرية صغيرة تنظم حملات تبرعات شتوية وتوزع الأغطية والطعام على المشردين.
كان جاك يمزح دائما 
لم نكن رجال خير
لكن عندما دخلت هوب حياتنا علمتنا كيف نصبح بشړا أفضل.
مقرهم الذي كان يعج بالدخان والموسيقى الصاخبة أصبح يضم الآن 
ركنا للأطفال فيه ألعاب تبرع بها الحي كله
رفوفا للبطاطين والملابس الدافئة
زاوية تحمل صورا لهوب عبر السنوات طفلة تلميذة شابة وأخيرا موظفة اجتماعية تسند رأس امرأة عجوز تبحث عن مأوى
وفي كل شتاء ومع أول عاصفة ثلجية كانت هوب ترتدي سترتها الجلدية السوداء المنقوش على ظهرها بشعار 
The Iron Wolves
ذئاب الحديد
ثم تستقل دراجة جاك خلفه أو تقود دراجتها الخاصة التي أهداها لها الأعمام في عيد ميلادها السادس عشر وتنطلق إلى ذلك الطريق البعيد
الطريق الذي شهد بداية القصة.
الطريق الذي أخذ أمها ومنحها حياة جديدة.
كانت تقف أمام الصليب الخشبي البسيط وقد غطاه الثلج وتنحني لتزيل عنه الفتات الأبيض.
ثم تضع وردة بيضاء دائما بيضاء وتهمس 
أمي
أعدك أن حياتك لم تذهب سدى.
أعدك أن ابنتك صارت بخير
وبأن رجالا لا يشبهون الملائكة صاروا الملائكة في طريقي.
وقف الدراجون خلفها في صمت محركات دراجاتهم تصدر هديرا منخفضا يشبه صلاة رجولية صامتة.
كان جاك يضع يده على كتفها ويقول 
كل عام نعود
ليس للحزن بل للشكر.
فلولاك ولولاها ما عرفنا معنى أن يكون للقلوب مخالب تحمي لا
ټؤذي.
ومع مرور السنوات اشتهرت هوب في المدينة.
كانت تظهر أحيانا في تقارير صحفية عن أقوى قصص الإنقاذ
أو الفتاة التي ربتها عصابة دراجين
وحين يسألها صحفي 
كيف أصبحت ما أنت عليه
كانت تجيب بابتسامة خفيفة 
لأن ليلة مۏت أمي
لم أفقد عائلة.
بل كسبت عشر عائلات.
ثم ترفع رأسها بفخر وتقول 
أنا ابنة ذئاب الحديد
وأميرة طرق لا ترحم 
لكن قلوبهم رحيمة بما يكفي لاحتضان العالم.
وفي مساء هادئ عندما بلغت السابعة والعشرين من عمرها وقفت هوب أمام المرآة في شقتها الصغيرة.
ارتدت سترتها الجلدية.
ربطت شعرها.
تناولت خوذتها البيضاء.
ثم نظرت إلى انعكاسها وقالت 
أمي
أصبحت أخيرا المرأة التي تمنيت أن أكونها.
ثم خرجت إلى الشارع حيث كان عشرة دراجين ينتظرونها
رجال منحوها اسما وحياة ومستقبلا.
وانطلقت معهم إلى الليل
إلى العمل وإلى الإنقاذ وإلى الطريق الذي دمج فيه الألم بالحب
حيث ولدت أسطورة الفتاة التي صنعتها العاصفة.
هكذا
في الليلة التي فقدت فيها أمها
كسبت عشرة آباء 
وفي الطريق الذي كاد ېقتلها
وجدت مملكتها.
إنها ليست مجرد أميرة الدراجين
إنها القصة التي أثبتت أن العائلة لا تخلق من الډم فقط 
بل من الرحمة والشجاعة والصدف التي تغير حياة كاملة إلى الأبد.

الصفحة السابقة 1 2 3

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock