قصص قصيرة

المليارديرة تطلب الزواج من متشرد

البنتلي تهمس بمحركها الرقيق وهي تنفذ إلى قلب فيكتوريا آيلاند والمدينة تلمع تحت شمس لاغوس كبحر من الألماس. جلس جاكوب متصلبا في المقعد الأمامي حقيبته الرثة بين يديه وعيناه تتنقلان بين مونيكا والطريق. كل شيء بدا له حلما ثقيلا. صباح هذا اليوم كان مجرد ظل رجلا منسيا بثياب متسخة والآن أصبح خطيبا لأشهر امرأة في نيجيريا وهو لا يفهم كيف حدث ذلك.
رمقته مونيكا بنظرة خاطفة. كان احمرار عينيه ليس من التأثر بعد بل من سنوات من الغبار والحر ولذعة البقاء. أرادت أن تسأله الكثير لكن الوقت لم يحن. قبل الأسئلة كان لابد أن تعيد إليه كرامته.
قالت برفق سنقف قليلا هنا. واكتفى بإيماءة ضعيفة.
توقفت أمام مركز فاخر للعناية الرجالية. الأرضية من الرخام المرايا محاطة بإطارات ذهبية والخشب المصقول يلمع تحت المصابيح. فتح أحد العاملين الباب بانحناءة لكنه توقف حين رأى جاكوب بثيابه المتسخة فدخلت مونيكا قبله وقالت بلهجة لا تناقش إنه معي. وكان هذا كافيا.
في الداخل تردد الموظفون قليلا ثم خضعوا لتعليماتها. التفتت إليه وابتسمت. دعهم يعتنون بك. سأنتظر هنا.
جلس جاكوب ساعة كاملة دون أن يتحرك بينما قص الحلاقون شعره وغسلوا وجهه وحلقوا ذقنه وفركوا من جسده ما علق به من غبار السنين. سقطت لحيته القديمة كتاريخ يمحى. وقص شعره وسرح بعناية حتى بدا كأنه خارج من غلاف مجلة. وعندما
ناولوه المرآة لم يعرف الرجل الذي يحدق إليه. بدا فكه حادا ووجنتاه بارزتين وعيناه الداكنتانرغم تعب السنينتتلألآن بحياة جديدة. لمس وجهه ببطء كأنه يتعرف على ملامحه لأول مرة.
قال أحد العاملين سيدي ملابسك. وهو يشير إلى قميص أبيض مفصل وسروال أسود وحذاء لامع.
تردد قليلا ثم دخل غرفة التبديل. وعندما خرج وقفت مونيكا مندهشة. لم يعد ذاك الرجل الذي التقطته من الشارع منذ ساعة فقط. كان رجلا آخر رجل له حضور وهيبة. ابتسمت وهي تقول هذا هو الرجل الذي رأيته.
ضاقت أنفاسه قليلا قبل أن يهمس أشعر وكأنني ولدت من جديد.
قالت مونيكا برقة لم تر شيئا بعد.
عادت به إلى السيارة واتجها إلى منزلها. وعندما وصلا إلى البوابة فتح عينيه بدهشة كبيرة. هذا منزلك
ابتسمت بل منزلنا.
انفتحت البوابة ليطل قصر أبيض هائل محاط بالزجاج تصطف أمامه أشجار النخيل في مشهد ملكي. نافورة ترقص في الوسط وكلب ذهبي يركض فرحا في الحديقة. نزل جاكوب ببطء شديد كما لو أنه دخل حكاية خيالية.
في الداخل انتشر عبق الفانيلا واللافندر. الأرض تلمع والثريات تتدلى كنيازك متجمدة. وعلى الدرج ظهرت طفلة صغيرة بشعر مجعد وعينين ناعستين. سألت وهي تفرك عينيها أمي من هذا
فتحت مونيكا ذراعيها. تعالي يا صوفيا. ركضت الطفلة وحضنتها. ثم نظرت إلى جاكوب. قالت مونيكا هذا صديقي جاكوب وسيقضي معنا وقتا طويلا. نظرت الطفلة إليه وسألت بجدية طفولية أأنت شخص

الصفحة السابقة 1 2 3 4الصفحة التالية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock