قصص قصيرة

ممرضة همست لي: اهربي فورًا… وما اكتشفته عن عائلة زوجي دمّر حياتي ثم أنقذها

والكرامة.
لم تذكر اسم راغافوالدها البيولوجيإلا بقولها
والدك بعيد جدا لكن بسببه حصلت عليكأجمل ما في حياتي.
بالنسبة لآشا كانت أمها هي عالمها كله.
كانت متفوقة في المدرسة تحب القراءة والشعر وتحلم أن تصبح طبيبة كي تساعد الناس المتعبين كما كانت أمي يوما متعبة.
كل صباح كانت آروهي توصلها إلى المدرسة على دراجتها تضحكان طوال الطريق وتعيشان حياة بسيطة مليئة بالسلام.
وكان يمكن لتلك الحياة أن تبقى هادئة
لولا مؤتمر أعمال صيفي في بوني حضره راغاف شارما.
كان راغافوقد أصبح رجل أعمال ناجحايشيب شعره وازدادت قسوة ملامحه.
سنوات الخيانة التي تعرض لها من ميرا تركته مكسورا من الداخل.
بحث عن آروهي سنوات طويلة دون جدوى.
إلى أن سمع أحد موظفي شركته يقول آروهي التي تعمل في مكتبة قرب المركز.
في ذلك المساء ذهب ليبحث عنها.
كانت المكتبة مزدحمة.
وبالقرب من المحاسبة كانت طفلة صغيرة ترتدي الزي المدرسي وتضفر شعرها تساعد أحد الزبائن في لف الكتب.
قالت بصوت واضح
ماما انتهيت!
التفت راغاف.
خرجت آروهي من الخلف مبتسمة لابنتها
ابتسامة يعرفها جيدا جعلت قلبه ينقبض ألما.
تجمد في مكانه.
قال بصوت متهدج آروهي
توقفت والتقت عيناهما وسقطت مسافة عشر سنوات في لحظة واحدة.
في ذلك اليوم لم يمتلك الشجاعة للاقترب.
اكتفى بأن يراقبهما من بعيد وهما تعودان إلى المنزل.
في تلك الليلة جلس في فندقه قرب النافذة ودموعه تنعكس على أضواء الشارع.
وفي الصباح أرسل رسالة إلى المكتبة
لا أطلب المغفرة.
أريد فقط أن أرى ابنتي مرة واحدةحتى لو من بعيد.
قرأت آروهي الرسالة وصمتت طويلا.
تذكرت سنوات الوحدة والليالي التي بللت دموعها وسادتها وصورة جنينها التي منحتها القوة.
ثم نظرت إلى آشا بعينيها اللامعتين
ورق قلبها.
قالت في نفسها
لآشا الحق في معرفة من هو والدها.
في عصر ذلك اليوم أخذت آروهي آشا إلى مقهى صغير قرب الحديقة.
كان راغاف جالسا ينتظر ممسكا كوب شاي.
وقف فور أن رآهما.
نظرت آشا إلى الرجل الغريببعينين خجولتين دامعتين
ماما من هذا الرجل
أجابت آروهي بلطف
هذا والدك يا آشا.
ساد صمت ثقيل.
انحنى راغاف نحوها وصوته يرتجف
بابا آسف. آسف لأني جرحتك وجرحت أمك. بابا كان مخطئا.
نظرت آشا إلى أمها ثم إليه وقالت بصوتها الطفولي النقي
بابا لا تبك.
ماما تقول إن الذي يعرف خطأه ويحاول إصلاحه يكون إنسانا جيدا.
سقط راغاف على ركبتيه وضم ابنته بقوة.
في تلك اللحظة شعرت سنوات الألم بأنها أصبحت أخف.
في الأيام التالية صار راغاف يوصل آشا إلى المدرسة ويساعدها في واجباتها.
لم تمنعه آروهي لكنها أبقت مسافة بينها وبينه.
كانت تعلم أن المغفرة لا تعني النسيان
بل تعني المضي قدما دون كراهية.
سألت آشا يوما
ماما هل سيأتي بابا ليعيش معنا
ربتت آروهي على رأسها بلطف وقالت
لا يا حبيبتي.
ماما وبابا لكل واحد منهما بيته.
لكن يمكنك أن تحبينا معاوذلك سيجعل قلبك أكبر.
سمع راغاف كلماتها وبكى بحرقة.
عرف أن آروهي غفرت له
لا بالكلمات بل بقوة قلب أم عظيمة.
بعد ثلاث سنوات اجتازت آشا امتحان القبول بكلية الطب في دلهيحلمها منذ الطفولة.
وفي يوم القبول رافقها والدها ووالدتها معا.
عند بوابة الجامعة أمسكت بأيديهما وقالت مبتسمة
ما كنت لأصل إلى هنا من دونكما.
ماما شكرا لأنك علمتني كيف أحب.
بابا شكرا لأنك علمتني معنى الاعتذار.
ثم ركضت نحو الحرم الجامعي والشمس تلمع على شعرها كالشريط الذهبي.
وقفت آروهي وراغاف جنبا إلى جنب.
بعد سنوات طويلة لم يبق حقد
بل سلام هادئ بين شخصين اجتازا عاصفة النجاة.
همس راغاف
شكرا لأنك لم تعلميها أن تكرهني.
ابتسمت آروهي وقالت
لا أستطيع أن أعلم طفلتي الكراهية.
الكراهية لا تصنع السعادة أبدا.
آشا تحتاج قلبا نقيا لا ماضيا يثقل روحها.
مرت السنوات وأصبحت آشا طبيبة أطفال.
كانت تقول كثيرا للأمهات العازبات
علمتني أمي أن المرأة القوية ليست التي لا تبكي
بل التي تعرف كيف تنهض من جديد بعد أن تبكي.
وعلى مكتبها إطاران للصور
أحدهما لأمها والآخر لوالدها وهو يبتسم.
لم تمح الماضي أبدا
بل اختارت فقط أن تضعه في المكان الصحيح
خلفها
لكن محفوظا برفق في قلبها.

الصفحة السابقة 1 2

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock