
خفايا القدر كاملة ممّصره بقلم اسما السيد
فلم يجدها.
شعر بذعر حقيقي لأول مرة منذ سنوات.
بدأ يبحث عنها بنظره بين الجموع، حتى رآها على بُعد أمتار قليلة، واقفة بثبات غريب، تحدّق في اليخت المشتعىل.
اقترب منها بسرعة، أمسك بيدها دون تفكير، وقال:
“إنتِ كويسة؟”
نظرت إليه وقالت بهدوء غير طبيعي:
“قلتلك ما تطلعش.”
مرّت دقائق بدت كأنها ساعات، حتى تمكنت فرق الطوارئ من السيطرة على الحىريق.
اليخت لم يغىرق، لكنه تضىرر بشدة، وأُعلن رسميًا أنه غير صالح للإبحار في الوقت الحالي.
وقف شريف جانبًا، يراقب المشهد، ويده ما زالت تمسك بيد الطفلة.
لم يشعر بوجودها إلا الآن… دافئة، حقيقية، ليست حلمًا.
اقترب منه أحد الضباط وسأله:
“حضرتك صاحب اليخت؟”
أومأ شريف برأسه.
“واضح إن ربنا نجاك النهارده يا فندم.”
لم يرد.
كان ذهنه مشغولًا بشيء واحد فقط:
كيف لطفلة صغيرة أن تعرف ما سيحدث بالدقيقة؟
بعد انتهاء الفوضى، أخذ شريف سما جانبًا، وجلس أمامها القرفصاء.
قال لها بصوت منخفض:
“عايزك تحكيلي الحقيقة… إنتِ عرفتي اللي هيحصل إزاي؟”
ترددت قليلًا، ثم قالت:
“بيحصلي كده دايمًا… بشوف حاجات قبل ما تحصل.”
قطّب حاجبيه:
“يعني إيه؟”
“يعني بحلم… والحلم بيطلع حقيقي.”
لم يكن شريف من الأشخاص الذين يؤمنون بالخىرافات.
عقله بُني على الأرقام، والتحليل، والمخىاطرة المحسوبة.
لكن ما رآه اليوم كىسر كل قواعده.
“حد غيرك يعرف الموضوع ده؟”
سألها.
هزّت رأسها نفيًا:
“لا… محدش بيصدقني.”
تنهد بعمق، ثم قال:
“إنتِ عايشة فين؟”
أشارت بيدها نحو المنطقة الخلفية من المرسى، حيث تتكدس بعض البيوت العشوائية:
“هناك.”
في تلك اللحظة، اتخذ شريف قرارًا لم يتخذه طوال حياته المهنية:





