
الخادمة
لمدة 12 عاماً كنت أمسح حىمّام.اتهم… ولم يكونوا يعلمون أن الطفل الصغير الذي أحضرته معي سيكون يوماً أملهم الوحيد في النجـ,ـاة.” اسمي آنا لوبيز. في التاسعة والعشرين من عمري بدأت العمل كخادمة في منزل عائلة جونسون، في ضىاحية فاخرة خارج دالاس، تكساس.
كنتُ أرملة، زوجي مـ,ـات في حـ,ـادث بناء، ولم يبقَ لي في هذه الدنيا سوى ابني ذي الأربع سنوات، مايكل.
توسلت إلى السيدة جونسون أن تعطيني عملاً. نظرت إليّ من رأسٍ إلى قدم، ثم قالت ببرود:
— “يمكنكِ البدء غداً. لكن الصبي يبقى بعيداً عن الأنظار… اجعليه في الخلف.”
هززت رأسي موافقة، فلم يكن لدي خيار آخر.
أعطونا غرفة صغيرة بجانب المغىىسلة، فيها مرتبة قديمة وسقف يتسىرب منه الماء.
كل صباح كنتُ أنظف الأرضيات الرخامية، وألمّع المراىحيض، وأرتّب وراء أولاد الجونسون… أولاد لم يلتفت أحد منهم إليّ بنظرة.
لكن ابني كان يفعل. كل يوم.
وكان يهمس لي قائلاً:
— “ماما، يوماً ما سأبني لكِ بيتاً أكبر من هذا.”
علّمته الحساب بقطع طباشير مكىسورة وكرتون ممىزق. وكان يقرأ الصحف القديمة كأنها كتب دراسية.
وحين بلغ السابعة، توسلت إلى السيدة جونسون:
— “من فضلكِ، دعيه يذهب إلى نفس مدرسة أولادك. سأعمل ساعات إضافية وأدفع التكاليف.”
ضحكت بسخرية:
— “أولادي لا يختلطون بأبناء الخىادم.ات.”
فأدخلته المدرسة العامة القريبة. كان يقطع ما يقارب ميلين سيراً على الأقدام كل يوم، أحياناً بأحذية ممىزقة… ولم يتذمّر قط.
وببلوغ الرابعة عشرة، صار يفوز في مسابقات أكاديمية على مستوى تكساس. لاحظه أستاذ زائر من جامعة رايس وساعده في الحصول على منحة دراسية في الخارج. قُبِل مايكل في برنامج علمي مرموق في كندا.
حين أخبرت السيدة جونسون، تجمدت مكانها:
— “ذلك الصبي… ابنك؟”
— “نعم. هو نفسه الذي نشأ بينما كنتُ أنظف حىمام.اتكم.”
مضت السنوات. أصيب السيد جونسون بأزىمة قلبية، وشُخّصت ابنتهم الكبرى بفشل كلوي. ذهبت ثروتهم شيئاً فشيئاً، ولأول مرة عرفوا طعم الحاجة واليأس.
قال لهم الأطباء: “ستحتاجون إلى متخصصين عالميين.”
ثم وصل خطاب من كندا:
— “اسمي الدكتور مايكل لوبيز. أنا متخصص في زراعة الأعـ,ـضاء. أستطيع المساعدة. وأنا أعرف عائلة جونسون جيداً.”
عندما عاد، طويل القامة، واثقاً، محاطاً بفريقه الطبي، لم يكادوا يتعرفون إليه. نظر مباشرة إلى السيدة جونسون وقال:
— “يوماً ما قلتِ إن أولادك لا يختلطون بأبناء الخىادم.ات. واليوم… حياة ابنتك بين يدي واحد منهم.”
نجحت العمـ,ـلية. ورفض أي مقابل مادي. لكنه ترك ورقة بخط يده:
“هذا البيت رآني يوماً غير مرئي. اليوم أسير فيه شامخاً—لا فخراً بنفسي، بل و.فاءً لكل أم تنظف الحىمّام.ات كي يحلّق أولادها عالياً.”
وبعدها بنى لي بيتاً عند البحر. لطالما حلمت برؤية المحيط… واليوم أجلس كل مساء على الشرفة، أستمع إلى صوت الأمواج.
وعندما أسمع اسماً يتردّد في الأخبار: “الدكتور مايكل لوبيز”… أبتسم.
“لأنني كنتُ يوماً “الخىادمة”.
واليوم، أنا أمّ الرجل الذي لم يكن بإمكانهم النجاة من دونه.





