
قصة قبضنا على شاب ومعه فتاة في وضع مريب
قبضنا على شاب ومعه فتاة في وضع مريب كما يحدث أحيانا في دوريات المتابعة. أرسلنا الشاب للجهة المختصة لمباشرة التحقيق وأخذنا الفتاة بهدوء إلى مركز الهيئة. كانت متغطية تماما ولم نر منها شيئا وكانت جالسة برأس منخفض ولم تنطق بأي حرف منذ لحظة القبض عليها. حاولنا الحديث معها برفق وطرحنا عليها أسئلة بسيطة لنعرف من تكون أو كيف يمكننا التواصل مع ولي أمرها لكنها لم تجب.
مرت الدقائق ثقيلة وكأن صمتها كان يقاومنا عن قصد. بعض الزملاء شعروا بالضيق وآخرون اقترحوا أن ننتظر حتى تهدأ أو ربما تدرك أن ما نقوم به هو لحمايتها لا إيذائها. لكنها ظلت على حالها صامتة تماما وكأن الكلمات ممنوعة منها. جلسنا حولها في هدوء نتابع تصرفاتها وننتظر أي إشارة.
ثم فجأة رفعت يدها ببطء وأشارت إلي كأنها تطلب مني أن أقترب. فعلت ذلك بحذر واحترام واقتربت منها خطوة بخطوة حتى صارت همساتها قريبة من أذني. كنت أظن أنها ستطلب رقم ولي أمرها أو تهمس باسمها الكامل لكن ما قالته لي كان أغرب مما توقعت. بصوت متحشرج ومرتجف قالت أنا ما أعرف كيف أوصف لك بس أرجوك لا تخلوني أرجع هناك.
تراجعت بخطوتين إلى الوراء وبدأت أفكر أين هناك ولماذا هذا الخۏف ولماذا طلبت عدم العودة بدا أن خلف صمتها حكاية كاملة لا نعرف عنها شيئا وربما لن نفهمها من سؤال أو اثنين.
بعد تلك الجملة حاولت أن أهدئ من روعها وأعدتها إلى الجلوس بلطف وطلبت من الزملاء أن يمنحونا بعض الخصوصية. سألتها مجددا ليش ما تبين ترجعين وش اللي صار سكتت لحظة ثم رفعت النقاب قليلا عن فمها فقط وهمست أنا هاربة مو من بيت عادي من مكان كانوا يعاملوني فيه كأني شي مو بني آدم.
بدأت تحكي بصوت باك ويدها ترتجف. قالت إنها يتيمة الأب وأن قريبا من الدرجة الأولى كان قد كفلها منذ كانت صغيرة لكنها لم تكن تعرف أن كفالته كانت غطاء لسلسلة من التجاوزات والقيود. حپسها عن التعليم ومنعها من الخروج وكان يعاملها بقسۏة شديدة. وحين كبرت بدأ يتدخل في كل تفاصيلها وأصر على تزويجها من رجل يكبرها بثلاثين عاما دون رغبتها.
حين رفضت حپسها في غرفة بلا نوافذ ومنع عنها الهاتف والناس وكانت الفتاة تهرب لأول مرة في حياتها عندما ألقي القبض عليها مع الشاب الذي لم يكن سوى ابن جيرانها ساعدها في الهروب من ذلك الچحيم. لم تكن هناك علاقة خاطئة بينهما كما ظن الجميع بل كانت تبحث عن نجدة لم تجدها في أقرب الناس إليها.
بكيت في داخلي ولم أجد في نفسي قدرة على لومها بل شعرت أن كل هذا الصمت كان يحمل ما لا طاقة لها على شرحه. طلبنا تحويلها إلى الجهة المختصة بالحماية الاجتماعية وفتحنا ملفا خاصا بالقضية لأن ما جرى معها لم يكن خطأ فتاة بل چريمة مكتومة سنوات طويلة.
الفتاة لم تكن مذنبة بل كانت تهرب من بيت ظلم وسوء معاملة ولم يكن الشاب سوى من ساعدها على النجاة وكل صمتها كان صړخة خائڤة لم يفهمها أحد في البداية





