قصص قصيرة

قصة الغرفة 407

حين دخل المحقق ليام أندرسون المستشفى كان الليل قد غطى المكان بسكون ثقيل لا يسمع فيه سوى صوت الأجهزة الطبية وهي تصدر طنينا متقطعا يشبه نبضا صناعيا للحياة. كان الجميع يتحدث عن القضية الغامضة التي حولت مستشفى سانت جيمس إلى محور اهتمام العالم بأسره خمس ممرضات ظهرت عليهن أعراض غامضة ومتطابقة في الوقت نفسه وكن جميعا يعتنين بالمريض نفسه في الغرفة رقم 407 الرجل الوسيم الذي يرقد في غيبوبة منذ تسعة أشهر إيثان كول.
وقف ليام عند باب الغرفة للحظة ينظر إلى المريض الذي بدا نائما بسلام أبدي. الهواء في المكان كان أثقل من المعتاد والضوء الفلوري في السقف يومض كأن الغرفة نفسها تتنفس. كان هناك شيء في الجو لا يرى لكنه يشعر به. اقترب ببطء ونظر إلى الشاشة أمامه المؤشرات كلها طبيعية النبض ثابت ضغط الدم متوازن كل شيء يبدو مثاليا إلا أن إحساسا غريبا بالوجود ملأ المكان. لوهلة خيل إليه أن أحدا ينظر إليه من خلف الزجاج رغم أن المريض لا يتحرك.
في اليوم التالي بدأ التحقيق.جلس أمامه خمس ممرضات بدت على وجوههن علامات الخوف والتعب. قالت سارة وهي الممرضة المسؤولة عن الحالة منذ البداية إحنا مش فاهمين يا حضرة المحقق كلنا تعبنا في نفس الأسبوع. نفس الأعراض بالضبط صداع دوخة أحلام غريبة إحساس إن المريض بينادي علينا حتى وإحنا مش في الغرفة. رفعت ماريا رأسها وأكدت الكلام وأضافت كلير وهي ترتجف كأننا بنسمع صوته في الحلم يقول أسماءنا أو يقول كلمة واحدة ارجعوا.
دون ليام كل شيء في دفتره ثم سألهم عن الجدول الزمني للمناوبات. الغريب أن كل الممرضات الخمس كن يعملن في مناوبات متقاربة أو متداخلة وغالبا ما يمررن جميعا بالغرفة في أوقات متشابهة من الليل. لم تكن مصادفة.
استدعى المحقق الطبيب المشرف على حالة إيثان الدكتور آرون ويليس رجل خمسيني ذو نظرات حادة وابتسامة باردة. استقبله في مكتبه الصغير وقال يا سيد أندرسون هذه مجرد حالة نفسية جماعية المستشفى قديم والناس متوترة. لكن المحقق قاطعه قائلا التوتر لا يجعل خمس أشخاص يعانون نفس الأعراض بنفسالتوقيت. هناك شيء آخر.
أمر ليام بالاطلاع على الملفات الطبية الخاصة بالغرفة 407. حين فتحت الملفات الرقمية لاحظ فجوات زمنية في البيانات أيام كاملة حذفت منها القراءات الحيوية للمريض. طلب من فريقه استعادة النسخ الاحتياطية فوجدوا ملفات مشفرة تحمل اسم RELink 407. بعد ساعات من التحليل تبين أنها تتضمن تقارير عن تجربة سرية أجراها الدكتور ويليس على المريض دون تصريح رسمي.
كانت الفكرة التي سجلها الطبيب في ملاحظاته تدور حول تجربة تعرف باسم الارتباط العصبي المشترك محاولة إنشاء تواصل ذهني بين مريض في غيبوبة وأشخاص أصحاء عبر الحقول الكهرومغناطيسية الدقيقة. بمعنى آخر كان يحاول ربط أدمغة الممرضات بالمريض إيثان ظنا منه أن الاتصال العاطفي قد يساعد على إيقاظه. لم يصرح بها للمستشفى ولم يبلغ أي جهة طبية.
حين واجهه ليام بالأدلة أنكر في البداية. قال إنه كان يسعى للعلم وإن الجهاز الذي استخدمه لم يكن سوى أداة مراقبة للنشاط العصبي. لكن فريق الأدلة الجنائية اكتشف أجهزةصغيرة مزروعة في سقف الغرفة مرتبطة مباشرة بشبكة الكمبيوتر الخاصة بالطبيب. كانت تبث موجات ترددية دقيقة تعمل أثناء مناوبات الليل فقط. ومع مرور الوقت بدأ المريض يصدر نشاطات كهربائية عالية تتزامن مع وجود الممرضات وكأن عقولهم ترد عليه بطريقة غير واعية.
في تلك الليالي كانت سارة تشعر بنبض غير مفهوم في صدغيها كلما اقتربت منه. ماريا قالت إنها سمعت أنينا خافتا وكأن أحدا يتحدث داخل رأسها. أما جينا فأكدت أنها كانت ترى في أحلامها نفس الغرفة لكنها فارغة إلا من ضوء أزرق وصوت يهمس باسمها. بدا وكأن إيثان كول لم يكن نائما تماما بل عالقا في مكان بين الوعي واللاوعي يستطيع من خلاله أن يلمس أرواح الآخرين.
استمر ليام في التحقيق حتى توصل إلى تفاصيل أكثر غرابة. قبل شهر من ظهور الأعراض أجرى الطبيب ويليس تحديثا على الأجهزة الموصولة بالمريض وأضاف ميزة المزامنة التلقائية. هذه الميزة سمحت للجهاز بإرسال موجات كهربائية دقيقة في ترددات خاصة بالذاكرة البشرية. كان يعتقد أنه إناستطاع

1 2الصفحة التالية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock