قصص قصيرة

قصة ابنة في الرابعة عشرة كشفت سر زوج أمها قبل فوات الأوان

كان يخطط لاستخدامها في الشاي اليوم إن كانت في البيت وإن استطعنا تصويرها وإثبات وجودها ستكون ورقتنا الأقوى.
نظرت إلي سارة وكأنها لم تصدق ما تسمعه 
هل تقصدين أننا سنعود!
أومأت ببطء 
نعم سنعود.
اتسعت عيناها 
أمي هذا جنون! لقد هربنا للتو ونجونا من أن نشربي ذلك الشاي. إن عدنا الآن قد لا نخرج مرة ثانية.
نظرت إليها بجدية 
اسمعيني جيدا يا سارة. لو هربنا الآن بلا دليل سيقول للجميع إنني مررت بنوبة هستيريا وإنني خطفتك من البيت وإنني خطر على نفسي وعلى ابنتي. سيجد مليون طريقة ليظهر أمام الشرطة كرجل مخلص وزوج قلق. وربما يجبرهم على إعادتنا إلى البيت بحجة إعادتي إلى رشدي. لن أسمح له بذلك.
ضغطت على عجلة القيادة بقوة 
أحيانا يا سارة يكون الهروب بلا سلاح أسوأ من مواجهة العدو بسلاح واحد. دليل واحد قوي قد يكون الفارق بين أن نصبح ضحيتين للأبد أو ننجو إلى الأبد.
ساد الصمت لحظات ثم رأيتها تهز رأسها ببطء 
حسنا ما خطتك
تنفست بعمق كمن يحسم أمره 
سنعود إلى البيت كأن شيئا لم يحدث. سأقول إنني ذهبت إلى الصيدلية أخذت دواء قويا للصداع وأن الألم بدأ يخف. أنت تقولين إنك متعبة وتشعرين بصداع وستصعدين إلى غرفتك. أنا سأبقى مع ريتشارد والضيوف أتحدث معهم وأراقبه وأتأكد من أنه لا يلحق بك.
نظرت إليها مطولا ثم أكملت 
أنت بدورك لن تذهبي إلى سريرك بل إلى مكتبه. تبحثين عن الزجاجة التي تحدثت عنها عن أي مادة غير واضحة عن ورقة فيها توقيتات أو ملاحظات مكتوبة بخطه. تلتقطين الصور لا تأخذين شيئا بيديك حتى لا يتهمنا بسرقة أو تعبثي بأدلة. إن شعرت أن الأمر خطر أو أنه صعد خلفك
رفعت هاتفي 
ترسلين لي رسالة بكلمة واحدة فقط 
الآن.
عندها سأجد ذريعة فورية للخروج ونغادر البيت مرة أخرى.
تنهدت سارة لكن في عينيها ظهرت شرارة تصميم جديد 
حسنا يا أمي سنفعلها.
بحلول الوقت الذي ظهرت فيه منازل حينا أمامنا كان قلبي يدق بقوة لم أشعر بها من قبل. أوقفت السيارة أمام المنزل ونظرت إلى الواجهة التي بدت طبيعية تماما لمن لا يعرف ما يجري في الداخل.
همست دون أن أدري 
يا رب
ثم التفت إلى سارة 
جاهزة
أومأت رغم أن يديها كانتا ترتجفان بوضوح.
دخلنا.
رائحة الطعام وصوت ضحكات الرجال في غرفة الجلوس أطباق مرتبة بعناية على الطاولة المشهد كله كان لأسرة تحتفل بمناسبة مهنية لا بيتا يختبئ في قلبه مخطط قتل.
رأى ريتشارد دخولنا فتوقف عن الحديث للحظة ثم ارتسمت على وجهه ابتسامة مزيفة من القلق الرقيق 
ها أنتما قال وهو يقترب ويضع ذراعه حول خصري. هل تشعرين بتحسن يا هيلين
شعرت بجسدي يتصلب تحت لمسته لكنني أجبرت نفسي على الابتسام 
أفضل قليلا. اشتريت دواء أقوى بدأ مفعوله.
التفت إلى سارة 
وأنت يا صغيرة ما زلت شاحبة.
خفضت رأسها كما اتفقنا 
أشعر بصداع أيضا. أظنني بحاجة للاستلقاء قليلا.
أومأ ريتشارد بتفهم مصطنع 
بالطبع اذهبي واستريحي يا عزيزتي. لا داعي لأن تجبري نفسك على الجلوس مع الكبار.
راقبتها وهي تصعد الدرج خطوة خطوة حتى اختفت عن الأنظار.
ثم التفت إلى ريتشارد 
هل فاتني الكثير
ضحك بخفة وهو يقودني إلى حيث الضيوف 
لا ما زلنا في البدايات. بالمناسبة أعددت لك الشاي الخاص الذي تحبينه. وصفة جديدة جلبتها من صديق لي. تركته في المطبخ حتى لا يبرد.
جملة عادية في الظاهر لكنها بعد ما سمعته من سارة صارت أشبه بجملة أعددت لك ما كنت أنوي أن يكون آخر ما يدخل جسدك.
قالتداخلي غريزة الحياة 
لا تلمسي ذلك الشاي.
اكتفيت بابتسامة سريعة 
ربما بعد قليل. أريد أن أبدأ بالماء أولا مع الدواء.
مرت دقائق ثقيلة.
تبادلت الحديث مع هذا وذاك بابتسامة متماسكة لكن عيني كانتا تلتقطان كل حركة يقوم بها ريتشارد. رأيته يمر من قرب المطبخ أكثر من مرة يحدق باتجاهه كأن الشاي ينتظر مشهدا لم يحدث بعد.
هاتفي ساكن في يدي عقلي كله معلق برسالة واحدة متوقعة من سارة.
بعد قرابة عشرين دقيقة وأنا واقفة إلى جوار ريتشارد في حديث مع زوجين من أصدقائه اهتز الهاتف أخيرا.
نظرت إلى الشاشة.
كلمة واحدة فقط 
الآن.
شعرت بالدم يفر من وجهي لكنني تمالكت نفسي في اللحظة التالية وقلت بابتسامة معتذرة 
عذرا يجب أن أطمئن على سارة. يبدو أن الصداع أرهقها.
حاول ريتشارد أن يعترض 
دعيني أذهب أنا
قاطعته برفق 
لا لا داعي. سأكون سريعة فقط أريد أن أرى إن كانت بحاجة إلى دواء آخر.
وغادرت قبل أن يتمكن من قول المزيد.
صعدت الدرج بخطوات متسارعة فتحت باب غرفة سارة فوجدتها تقف قرب النافذة وجهها أبهت من ذي قبل.
همست بانفعال 
ماذا حدث هل جاء إلى المكتب
هزت رأسها 
لم يدخل المكتب بعد لكن شعرت أنه على وشك الصعود فهرعت إلى غرفتي قبل أن يراني هناك. وجدتها يا أمي الزجاجة.
اقتربت منها أكثر 
أين
في الدرج الأوسط من مكتبه مخبأة تحت مجموعة من الأوراق. زجاجة صغيرة بنية اللون بدون أي ملصق بدون أي اسم. التقطت لها عدة صور مع الورقة التي كانت بجوارها.
أي ورقة
بلعت ريقها 
ورقة بخط يده مكتوب فيها 
10 30 وصول الضيوف
11 45 تقديم الشاي لهيلين
11 50 تبدأ الأعراض في الظهور
12 10 الاتصال بالإسعاف.
وتحتها مكتوب 
سيكون الوقت قد فات.
شعرت أن الأرض تميد بي وأن الهواء صار أثقل من أن يستنشق.
قبل أن ننطق بكلمة أخرى سمعنا خطوات تقترب من الممر ثم صوت مفتاح يدخل في ثقب الباب من الخارج وصوت احتكاك المعدن وهو يدور.
نظرت إلي سارة بعينين مذعورتين 
لقد أغلق الباب!
ركضت نحو الباب وحاولت فتحه لكن المقبض لم يتحرك. كان مغلقا فعلا.
من خلف الباب جاء صوت ريتشارد 
هيلين سارة هل أنتما بخير لماذا أغلقتم الباب
حاولت ضبط نبرتي 
نعم كل شيء بخير. كنت أتحدث مع سارة عن صداعها.
سكت لحظة ثم قال بنبرة خفيفة 
لا أحب الأبواب المغلقة في بيتي تعلمان ذلك.
سمعنا خطواته تبتعد قليلا ثم تعود وصوت المفتاح يدور مرة أخرى ليحكم الإغلاق. هذه المرة أدركت أنه لم يكن تعليقا عابرا بل قرارا واعيا بحبسنا.
همست سارة 
إنه يحبسنا هنا
كانت الغرفة في الطابق الثاني ولا يوجد مخرج آخر سوى النافذة التي تطل على الحديقة الخلفية. نظرت إليها سريعا. هناك أسفلنا عشب وسياج منخفض وشارع جانبي هادئ يمكن الهروب إليه.
النافذة قلت بحزم مفاجئ لنفسي قبلها. هي طريقنا الآن.
اقتربت سارة من الزجاج 
الارتفاع كبير يا أمي.
أعرف أجبت وأنا ألتفت حولي. وقع بصري على اللحاف السميك فوق السرير. أسرعت إليه سحبته وبدأت أربطه إلى قاعدة المكتب الثقيلة قرب النافذة.
سنستخدمه كحبل. لن يصل إلى الأرض لكنه سيخفف من ارتفاع السقوط.
بينما كنت أربط العقدة بأقصى ما أستطيع من قوة همست سارة 
أمي أسمع خطواته مجددا.
توقفت لثانية أرهفت السمع فسمعت بالفعل وقع أقدامه وهو يقترب وصوت المفتاح يستعد للدخول مرة أخرى.
أسرعت بإكمال العقدة فتحت النافذة وألقيت طرف اللحاف إلى الخارج ثم التفت إلى سارة 
انزلي أنت أولا. امسكي بالحافةجيدا انزلي إلى أبعد نقطة ثم اتركي نفسك على العشب. فعلنا شيئا مشابها في الألعاب من قبل تذكري كيف تدحرجين

الصفحة السابقة 1 2 3 4الصفحة التالية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock