قصص قصيرة

اتهم ضابط ابنة الـ8 سنوات بالسرقة… لكنه لم يتوقع أن والدها هو الرجل الذي لا يُستفَز!

«هيه! أعيدي تلك الحلوى إلى مكانها! أعرف جيدًا ما تحاولين فعله.»

ارتجفت أمارا ويليامز، الطفلة ذات الأعوام الثمانية، بصوتٍ مفاجئ شقّ هواء ممرّ الحلويات في سوبرماركت بإحدى ضواحي أتلانتا. كانت تقف وحدها، تمسك بلوح شوكولاتة صغير وبضع أوراق نقدية مجعّدة في يدها الصغيرة. كانت جدائلها مرتّبة بعناية، وعيناها السوداوان اللامعتان تفضحان براءتها وارتباكها.

كان الضابط براين دالتون رجل ضخم عريض المنكبين في منتصف الأربعينيات يقف فوقها بظلّه الثقيل. حدّق فيها بصرامة وقال بنبرة حادة:
«لا تتصنّعي البراءة. رأيتك تضعينه في جيبك.»

رمشت أمارا بسرعة، واهتزّ صوتها وهي تقول:
«لم أكن أسرق… كنتُ سأدفع ثمنه.»

بعض المتسوّقين التفتوا نحو المشهد، ثم أشاحوا بوجوههم بسرعة لتجنّب أي مشاكل.
وفي تلك اللحظة اندفعت غريس ميلر، جليسة الأطفال، من الممرّ المجاور وهي تقول بقلق:
«سيدي الضابط، من فضلك… إنها معي. أنا أعطيتها المال لتشتري حلوى. لم تذهب إلى الصندوق بعد!»

ضاقت عينا دالتون بازدراء، وقال بصوت يخلو من الرحمة:
«وفّري أعذارك. أمثالها يبدأون من الصغر. الأفضل أن أوقفها الآن قبل أن تنتهي في مشكلة حقيقية.»

ارتعشت شفةأمارا، ولم تكد تبكي حتى امتدت يده فجأة وأمسك بمعصمها بقسوة:
«هيا بنا. سنُسوّي الأمر في المركز.»

صرخت غريس بجزع:
«لا يمكنك أخذها هكذا! والدها »

قاطعها بعنف:
«لا يهمّني مَن يكون والدها. إن كانت تسرق، فهي تخالف القانون.»

احمرّ وجه أمارا من شدّة الإذلال.
بدا المتجر فجأة واسعًا وباردًا بشكلٍ خانق، وأضواؤه تكاد تعمي عينيها من التوتر. الناس ينظرون ولا يتدخّلون، وعينا الطفلة تترقرقان بالدموع وهي تُجرّ نحو الباب.

أخرجت غريس هاتفها بيدٍ مرتجفة:
«سأتصل بالسيد ويليامز الآن.»

ابتسم دالتون بسخرية لاذعة:
«اتصلي كما تشائين. دعينا نرى إن كان صاحبك قادرًا على إنقاذها.»

خارج المتجر، شدّ الضابط قبضته على معصم أمارا حتى بدأت دموعها تنساب على وجنتيها، بينما سيارة سوداء أنيقة كانت تقترب من المكان بسرعة، دون أن يلاحظها.

في الداخل، همس بعض المتسوّقين:
«يا للمسكينة… لم تفعل شيئًا أصلاً.»

لكن الضابط مضى متباهيًا، مقتنعًا بأنه «يعلّم طفلة درسًا». لم يكن يعرف أنه على وشك أن يواجه درس حياته هو.

بعد خمس دقائق فقط، انفتح باب السوبرماركت الأوتوماتيكي، ودخل رجل طويل القامة يرتدي بذلة زرقاء داكنة أنيقة. كانوجهه جامدًا، عيناه ملتهبتين بالغضب المكبوت.
عرفه بعض الحاضرين فورًا: ديفيد ويليامز، الرئيس التنفيذي لشركة «ويليامز غلوبال»، أحد أهم رجال الأعمال في أتلانتا. لكنه لم يدخل بصفة رجل أعمال… بل كأب غاضب يبحث عن ابنته.

دوّى صوته في المتجر:
«ما الذي يجري هنا بحقّ السماء؟»

استدار دالتون، ما يزال ممسكًا بذراع أمارا.
«هذه الطفلة ضُبطت وهي تسرق.»

قال ديفيد بصوت كالصخر:
«هذه الطفلة… هي ابنتي.»

ساد صمت ثقيل. تلاشت ثقة دالتون للحظة، وارتفعت هواتف المتسوقين لتسجيل المشهد.

تقدّم ديفيد بخطوات حاسمة، انتزع أمارا برفق من يد الضابط، ودفعها خلفه كمن يحمي كنزًا لا يُقدّر بثمن.
«أأنت جاد؟ أنت أمسكتَ بطفلتي ذات الثمانية أعوام واتهمتها بالسرقة… من دون دليل؟»

حاول دالتون أن يستعيد صوته:
«رأيتها تأخذ الحلوى. أخفتها.»

انحنى ديفيد إلى مستوى ابنته، وقال برقة:
«أمورا… ماذا حدث؟»

قالت وهي تبكي:
«كنتُ سأدفع يا أبي. لديّ المال هنا.»
وفتحت كفّها الصغيرة لتُظهر الأوراق النقدية.

هزّت غريس رأسها بسرعة:
«لم تضع شيئًا في جيبها. كنت أشاهدها.»

وقف ديفيد وقال ببرودٍ يجعل الهواء يتجمّد:
«سيدي الضابط… لقد أهنتَ طفلة.لم تتحقّق. لم تسأل. افترضت فقط.»

تمسّك دالتون بذريعة ضعيفة:
«كنت أقوم بعملي.»

ردّ عليه ديفيد بنبرة كالسكين:
«عملك؟ أم تحاملُك؟»

تململ الحشد، وبدأ البعض بتصوير المشادة.
اشتدّ فكّ الضابط وقال بنفاد صبر:
«انتبه لكلامك.»

أخرج ديفيد هاتفه وبدأ التسجيل:
«لا، أنت من يجب أن ينتبه. أنت مارست عنصرية علنية ضد طفلة. أمسكتَ بها بلا حق. لم يكن هذا تطبيقًا للقانون… بل إساءة سلطة.»

احمرّ وجه الضابط وهو يقول بوقاحة:
«أنتم دائمًا تجعلونها مسألة عنصرية.»

ساد صمت تام. توقّف الزمن.

حدّق ديفيد فيه وقال ببطء قاتل:
«شكرًا لأنك أكّدت ما كان واضحًا منذ البداية.»
ثم نظر للحشود:
«سمعتم هذا جميعًا.»

تراجع الضابط خطوة إلى الوراء.
«لا يمكنك مخاطبتي هكذا »

قاطعه ديفيد بقوة:
«أستطيع… وسأفعل. لأنني أمول نصف المشاريع المجتمعية في هذه المدينة. ومنها برامج التدريب الشرطي… التي يبدو أنك لم تحضرها.»

عمّ الهمس المتجر.
قال دالتون بصوت منكسر:
«من أنت أصلًا؟»

ردّ ديفيد بثبات:
«أنا ديفيد ويليامز. رئيس شركة توظّف أكثر من عشرة آلاف شخص في هذه المدينة. والآن أنا أقف أمام رجل اعتقد أن ابنتي لصّة… بسبب لون بشرتها.»

بهتوجه الضابط، وأخذ البعض يرفع هواتفه أعلى لتوثيق اللحظة.

اقترب ديفيد خطوة وقال:
«ستعتذر لابنتي. الآن.»

تلعثم الضابط:

1 2الصفحة التالية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock