قصص قصيرة

قدّمها كـ موظفة صغيرة لكن صديق والده كشف هويتها الحقيقية أمام الجميع

ينتظر حكما.
قالت عيناه ما لم يستطع صوته أن يقوله
هل وصلت الرسالة قبل أن يفوت الوقت
أمسكت يده بقوة وقلت له
وصلت يا أبي.
في صباح الثلاثاء التالي غادر بهدوء.
بدون ضجيج بدون مشهد بطولي بدون موسيقى.
فقط أنفاس خفيفة كانت تتباعد حتى توقفت.
في جنازة بسيطة حملوا التابوت مغطى بعلم أحبه أكثر مما أحب نفسه أحيانا.
وقفت أنظر إلى العلم وإلى الخاتم في يدي.
لم أعد تلك الموظفة الصغيرة التي قدمها يوما ما في حديقة خلفية.
ولم يعد هو ذلك الرجل الذي يحتاج أن يعرفني للآخرين تعريفا ناقصا ليشعر بالراحة.
كنا اثنين من البشر أخطآ كثيرا في فهم بعضهما لكنهما حاولا أخيرا أن يتعلما لغة جديدة لغة الاعتراف والاحترام والرؤية الحقيقية.
وضعت الخاتم في صندوق صغير على مكتبي إلى جانب صورة قديمة لي بزي التدريب وصورة أخرى له بزي البحرية حين كان شابا وورقة صغيرة علقت عليها جملة واحدة
لا تسمح لأحد أن يختزلك في كلمة حتى لو كان هذا الشخص هو أقرب الناس إليك.
بعد سنوات في مكتب واسع في البنتاغون وقف ضابط شاب أمامي وقال بتردد
سيدتي والدي يقدمني دائما للناس على أنني مجرد موظف إداري مع أنني
ابتسمت وأنا أراه يتلعثم بحثا عن الكلمات.
مع أنك أكثر من ذلك بكثير أليس كذلك
احمر وجهه قليلا.
نعم يا سيدتي.
أشرت له أن يجلس.
اجلس يا ملازم سأحكي لك قصة عن رجل قدم ابنته يوما أمام أصدقائه باعتبارها مجرد موظفة صغيرة بينما كانت في الحقيقة تقود وحدات لا يعرف حتى هو اسمها.
اتسعت عيناه باهتمام طفولي تقريبا.
وماذا حدث بعد ذلك يا سيدتي
نظرت إلى الخاتم في زاوية المكتب ثم إليه.
وقلت بابتسامة هادئة
ما حدث يا ملازم هو أن تلك الابنة لم تعد تقبل أن يعرفها الآخرون كما يعرفها غيرها. قررت أن تجعل حياتها هي التعريف الوحيد الموثوق.
ثم أضفت
تذكر دائما
قد يخطئ الناس في تقديمك للعالم.
لكن المهم حقا هو ألا تخطئ أنت في تقديم نفسك لنفسك.
في ذلك المساء وأنا أنظر من نافذة مكتبي إلى المدينة التي لا تنام فكرت للحظة في ذلك اليوم البعيد يوم الحديقة يوم الوشم يوم الكلمة التي خرجت من فم أبي مرتجفة
أنت
وابتسمت.
لأنني الآن أعرف الإجابة حتى لو لم يعرفها هو إلا متأخرا
أنا لست الموظفة الصغيرة.
أنا لست البنت التي تعمل في الأوراق.
أنا لست الكلمة التي يختصرني بها أحد مهما كان قريبا.
أنا ما صنعته بيدي وقراراتي وعرقي ودموعي وخطواتي في ممرات لن يعرفها أحد.
والأهم من ذلك كله
أنني لم أعد أسمح لأحد أن يناديني بما يصغرني.
لا في حديقة.
ولا في بيت.
ولا حتى داخل رأسي.

الصفحة السابقة 1 2 3 4

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock