
عشية زفافي ذهبتُ لزيارة قبر زوجتي الراحلة فظهر شخصٌ غيّر حياتي بالكامل
لورا ورأيت الطريقين اللذين يقفان أمامي
طريق يقودني إلى الماضي إلى ظلال لا تنتهي وإلى بحث يائس عن نسخة جديدة من امرأة فقدتها
وطريق آخر يقودني إلى الحاضر إلى امرأة لم تطالبني يوما بأن أنسى بل فقط بأن أواصل الحياة
وعندها أدركت حقيقة لم أفهمها من قبل
أن الحزن قد يجمع بين الناس لكنه لا يبني حياة
وأن العاطفة التي تولد من الألم لا تملك القوة التي تبني مستقبلا
منذ ذلك اليوم تغيرت حياتي حقا
لم يكن الأمر مرتبطا بمثلث عاطفي كما قد يظن البعض
ولا بصراع بين امرأتين
ولا حتى بشك في حبي
لقد تغير كل شيء لأنني تعلمت شيئا ظللت أعجز عن استيعابه لسنوات
أن الماضي لا يرحل حتى نسمح له بالرحيل
وأن الإنسان يمكنه أن يحمل الذكرى دون أن يحمل معها القيود
وأن المۏت لا ينهي الحب لكنه لا يبرر أن ندفن أنفسنا معه
ومنذ ذلك اليوم بدأت أرى لورا بعين أخرى
لم تعد مجرد المرأة التي انتظرتني
ولا السند الذي احتميت به عندما كنت أختنق بخۏفي
ولا اليد التي أمسكت بيدي حين كنت أقاوم ذكرياتي
بل أصبحت المرأة التي اختارت أن تحبني رغم أنني كنت غارقا في ظلي
المرأة التي رأت في داخلي حياة بينما كنت لا أرى سوى فقد لا ينتهي
المرأة التي لم تطلب شيئا سوى أن أكون صادقا مع نفسي
ولأول مرة منذ ۏفاة ماريانا أحسست أن قلبي لا يخون ذكراها حين ينبض للحياة من جديد
بل يكرمها حين يختار أن يستمر
لقد تعلمت أن العيش ليس خېانة للموتى
بل امتداد للحب الذي منحونا إياه في حياتهم
ومنذ ذلك اليوم صرت أقدر التفاصيل الصغيرة
ضحكة لورا عند الصباح
الوقت الذي نقضيه نتحدث فيه بلا سبب
فنجان الشاي الذي تعده حين تشعر أنني متوتر
والطمأنينة التي يتركها وجودها في غرفتي في بيتي وفي قلبي
تغيرت حياتي لأنني تغيرت أنا
صرت أعرف أن الحب ليس الحنين
وليس البكاء على الأطلال
وليس البحث عن بديل لذكرى عزيزة
الحب كما فهمته أخيرا
هو أن تجد شخصا لا يملأ مكان الراحلين
بل يفتح لك مكانا جديدا لم تعرف أنه كان خاليا
وتأكدت أن لقاءي بإيزابيل لم يكن صدفة
بل كان طريقا كي أعود إلى نفسي
كي أرى أن قلبي لم يمت حين ماټت ماريانا
بل كان ينتظر من يوقظه لا من يعيده إلى الحزن
ومنذ ذلك اليوم
خطوت إلى الأمام بثقة لم أعرفها من قبل
وأمسكت بيد لورا
وأدركت أن الحياة رغم قسۏتها لا تزال تمنحنا فرصا
وأن الشفاء ممكن
وأن الماضي مهما كان عزيزا لا يجب أن يصبح سجنا





