
زار المليونير المدرسة فوجد ابنته تبكي وترفض دخول الصف وعندما عرف السبب تجمّد في مكانه.
رن الهاتف في مكتب مايكل هارتمان، أثناء اجتماع عمل مهم. دخل مساعده وقال: إنها مدرسة ابنتك، الأمر عاجل. تغيرت ملامح مايكل. أمسك الهاتف وقال بصوت حاد: ماذا حدث؟ رد الصوت بحذر: يبدو أن ابنتك تعرضت لموقف محرج… الوضع حساس. وقف مايكل فورًا: جهّزوا السيارة.
انطلق الـ SUV الأسود مسرعًا. جلس مايكل في المقعد الخلفي، ممسكًا بهاتفه، وقلبه غارق في القلق. كانت صورة وجه ابنته الرقيق تطارده، وأدرك فجأة أنه لا يعرف فعليًا كيف كانت تعيش.
في الصف 3B عمّ الصمت. همس بعض الطلاب: هل هي مريضة؟ لماذا لم تذهب للحمام؟ حاولت المعلمة فرض النظام لكن التوتر كان كثيفًا. وقفت إيميلي وحدها قرب الباب، رأسها منكس، يداها تحتضنان فستانها المتسخ، والطلاب يبعدون كراسيهم عنها.
دخل موظفو الإدارة وقالوا: والدها في الطريق. جهّزوا المكان. تحركت المقاعد لتفسح ممرًا واسعًا من الباب. ساد صمت مفاجئ. سُمع صوت خطوات حذاء رسمي يقترب من الردهة.
ظهر رجل طويل يرتدي بدلة رمادية، شعره خفيف عند الأطراف، وملامحه قاسية. فتح الباب، ورأى
الفوضى: الأوراق المبعثرة، حقيبة إيميلي على الأرض، والطلاب متسمّرون. وقع بصره عليها. كانت ملتصقة بالجدار، شاحبة، منحنية، تنظر للأرض وترتجف.
تقدمت المعلمة لتتكلم، لكن مايكل تجاوزها مباشرةً واتجه نحو ابنته. رفعت إيميلي رأسها فرأته، فامتلأت عيناها بالدموع وقالت بصوت مكسور: أبي… حملها على الفور بين ذراعيه، ولفّ عليها سترته ليحجب منظر فستانها المتسخ عن الجميع. دفنت وجهها في كتفه باكية. لم يجرؤ أحد على الضحك.
نظر مايكل إلى المعلمة بنظرة واحدة باردة جعلتها تتراجع مذعورة. حاولت التبرير لكن لم يلتفت إليها. حمل ابنته وخرج بها وسط صمت تام. انفتح الطريق أمامه كالموج المنشق. شعر الطلاب بثقل خطيئتهم.
في الردهة سُمعت خطواته الثابتة، وسمع صوت أنين إيميلي الخافت وهي تقول: أنا آسفة… لم أقصد… قال بهدوء: الأمر انتهى يا صغيرتي، أنا هنا الآن. لحق موظف إداري به قائلًا: نحتاج تقريرًا. فقال مايكل دون أن يلتفت: أرسلوه إلي لاحقًا.
فتح الباب الخارجي، وهبّت نسمة النهار. وضع ابنته في السيارة، غطّاها ببطانية،
وربط حزامها بلطف. سألها: هل تتألمين؟ هزّت رأسها. سألها: هل تناولتِ فطورك؟ هزّت رأسها نفياً. هل أكلتِ شيئًا أمس؟ صمتت. ثم همست: لم يكن في الثلاجة شيء. قالت إن كارين أخبرته بأنها تعدّ الطعام لها. أجابت الطفلة: لقد… نسيت.
شعر مايكل بقبضة في معدته. عاد القصر، فوجد الباب مفتوحًا، والأضواء ترتجف. حمل ابنته ودخل. أصابته رائحة نفاذة: كحول، طعام فاسد. علب بيرة على الأرض، صناديق طعام منتشرة. دخل المطبخ، وجد الثلاجة شبه فارغة، حليب إيميلي غير مفتوح، بيضًا نصف مطهوّ ناشفًا في طبق. صعدت أصوات سحب متثاقلة من الأعلى.
ظهرت كارين في حالة فوضوية، شعرها منكوش، مكياجها سائل، وثيابها غير مرتّبة. قالت بتلعثم: لم أتوقع أن تعود مبكرًا. قالت إن إيميلي هي المخطئة. لكن مايكل رفع كمّ فستان ابنته فظهر كدمة كبيرة. سألها: من فعل هذا بكِ؟ همست: لقد وقعت. ضحكت كارين قائلة: الأطفال يقعون دائمًا. لكن الكدمة لم تكن من سقوط.
عثر على كدمات أخرى على كتفيها وظهرها. ارتجفت الطفلة وقالت: سكبت الحليب… فصرخت بوجهي… قالت
إن ماما تركتني لأنني سيئة. تجمّد مايكل. قال: لا أحد يقول لكِ هذا… أبدًا. ادعت كارين أن الطفلة تكذب. اختبأت إيميلي خلفه وهمست: أنتِ لست أمّي.
وقف مايكل بثبات وقال لكارين: لن تقتربي منها مجددًا. صرخت: هل تطردني؟ قال بهدوء: هذا البيت اشتريته قبل زواجنا. عليكِ أن ترحلي اليوم. غادرت باكية ومهددة. وفي تلك اللحظة، عاد الهدوء للمنزل.
جلس مايكل إلى جوار طفلته وقال: لن يخيفك أحد مجددًا. نامت وهي قريبة منه متعبة، وأخيرًا شعرت بالأمان. زارهم موظفون من الرعاية الاجتماعية وخبيرة من المدرسة. تفقدوا المكان وسألوا إيميلي بلطف. أظهروا له سجلات تؤكد أنها كانت تأتي بلا طعام، جائعة، مرهقة. شعر مايكل بالندم يعصر قلبه.
عندما غادروا، جلس بجانبها يمشط شعرها برفق. نظرت إليه وسألته: هل كانت أمي تحبني؟ فنظر إليها بحنان وقال: أكثر من أي شيء في الدنيا. بكت الطفلة، فاقترب منها أكثر وقال: أنا هنا الآن… ولن أتركك بعد اليوم.
نامت مطمئنة لأول مرة منذ زمن طويل. وهكذا بدأت رحلة جديدة من الأمان، والمحبة، واستعادة
الثقة بين أب وابنته.





