
كل ليلة، كان زوجي ينام في غرفة ابنتنا… فوضعتُ كاميرا مخفية. وما اكتشفته في التسجيل جعل يديّ ترتجفان وقلبي يتوقف لثوانٍ.
ليحلوا محل أحد بل ليصلحوا ما انكسر فينا دون أن يطالبوا بشيء.
لقد وضعت تلك الكاميرا الصغيرة وأنا أرتجف من الشك كنت أظن أنني سأكتشف خيانة أو خطأ أو سرا مخفيا.
لكن ما اكتشفته لم يكن خطأ بل كان أعظم من كل التوقعات كان دليلا على حب لا يشبه أي حب عرفته في حياتي.
الرجل الذي ظننت لوهلة أنه قد يؤذي ابنتي
كان في الحقيقة هو الوحيد الذي ظل يسهر لحمايتها.
كان يتلقى خوفها بدلا عنها ويحمل قلقها بدلا مني ويمسح وحدتها دون أن نطلب منه.
كان هو من اختار من تلقاء نفسه أن يضع قلبه بيننا كدرع وأن يفتح ذراعيه لطفلةليست طفلته ولأم مثقلة بالندوب.
الرجل الذي شككت بنواياه
كان هو نفسه الرجل الذي حمل آلامنا بصمت وتقدم بخطوات ثابتة ليقف بين ابنتي وبين عتمة أثقلت طفولتها.
كان هو الذي جلس بجانب سريرها ليلا يراقب أنفاسها المتقطعة ويطمئن قلبها الصغير كلما اختنقت بالكوابيس.
هو الذي مسح على شعرها عندما كنت عاجزة والذي فهم خوفها دون أن تسأله وكأنه قرأ في شفتيها ما لم تستطع قوله.
كنت أظن أن الحنان يقال لكنه أثبت لي أن الحنان يفعل.
كان ينهض من نومه ليطمئن عليها ولا يخبرني.
كان يسهر بجانبها بينما أستسلم أنا للراحة ولايشتكي.
كان يحتضن انكساراتنا معا ويعيد ترتيب الفوضى داخل بيت ظننت أن أبوابه لن تغلق على راحة من جديد.
والطفلة التي كانت ترتجف عند منتصف الليل وتفتح عينيها على خوف بلا اسم
صارت اليوم تستيقظ بهدوء تنظر إلى جانبيها فتجد رجلا ليس والدها الحقيقي
لكنه بأمانه بثباته وبقلبه الرحب صار أعمق من الدم وأقرب من النسب.
قيل دائما
الأب الحقيقي ليس من ينجبك بل من يكون هناك حين تحتاج إليه.
كنت أسمعها كجملة جميلة فقط.
لكنها اليوم صارت حقيقة تمشي أمامي تنام أمامي وتنهض كل صباح بابتسامة طفل وجد أخيرا من يحرس قلبه.
واليوم بعد أن انطفأت كل الشكوك وتلاشى كل الخوف وصار الليل يمر خفيفا بلا صراخ بلا دموع بلا ارتجاف
أعرفبكل يقين لا يهتزأنني وجدت ذلك الرجل.
الرجل الذي لم يرسل إلى حياتي ليملأ فراغا
بل ليصلح ما انكسر.
الرجل الذي لم يأت ليحل مكان أحد
بل ليبني مكانا جديدا أكثر دفئا لأبنتي ولي.
وجدت الرجل الذي يرمم بدل أن يكسر
ويحمي بدل أن يخيف
ويحب بصمت نبيل دون شروط ودون انتظار مقابل.
وها أنا بعد سنوات من الخوف والوحدة أستطيع أن أقولها بلا ارتعاش
لسنا وحدنا.
ولم نعد بحاجة للبحث عن بيت آخر
لأن هذا الرجل بكل مافيه صار هو البيت وصار هو العائلة.





