قصص قصيرة

الوصيّة المخفيّة: حين قلبت رسالة واحدة إرث العائلة رأسًا على عقب

حين عادت آنا إلى منزل والدتها لتعتني بها في أيامها الأخيرة كانت تتوقع الحزن لا الخېانة. لكن بعد الچنازة يكشف سر عائلي مخبوء تحت ألواح الأرض عن حقيقة تجبرها على إعادة النظر في كل شيء.
في بيت مليء بالذكريات غيرت رسالة واحدة معنى الإرث ومعنى الحب ومعنى ما هو حقا ملكها.
عندما رحلت أمي مارلين قبل ثلاثة أشهر لم أتوقع أن يلازمني الحزن كظل ثان أينما ذهبت.
ولم أتوقع الخېانة أيضا.
عدت مسرعة إلى المنزل فور تلقي الاتصال الذي أخبرني بأن مرض أمي قد ازداد حدة. تركت عملي فورا دون تردد وحملت حقيبة فيها ملابس لأسبوع على افتراض أنني سأعود سريعا.
لكنني في أعماقي كنت أعرف أن عودتي لن تكون قريبة. فقد تبدل شيء ما داخل قلبي منذ اللحظة الأولى التي سمعت فيها صوت أختي على الهاتف.
كانت الأسابيع الستة الأخيرة من حياة أمي هادئة مؤلمة وحميمية بطريقة لن أنساها ما حييت. كنت رفيقتها وممرضتها لكن أكثر من ذلك كنت شاهدة على حياتها حتى آخر لحظة.
ساعدتها في فرز رسائلها وفواتيرها عندما كانت يداها ترتعشان. اعتادت أن تضع كل شيء في ملفات أنيقة ولاحظت مرتين أو ثلاثا أنها كانت تحدث بعض الوثائق حتى عندما لا يكون هناك ما يستدعي تحديثها. وكانت تقول دائما للاحتياط فقط.
بعض الأيام كانت تتحدث وفي أيام أخرى كانت تكتفي بمراقبة الريح عبر النافذة بينما أجلس قربها في صمت.
أما أختي كيتلين فقد زارت البيت مرتين فقط في تلك الأسابيع الستة.
في المرة الأولى أحضرت فطيرة جاهزة لا يزال الملصق عليها ولم تمكث طويلا حتى لخلع معطفها.
وفي المرة الثانية أخرجت صندوقا قديما من خزانة الممر وأخذت بعض المجلدات السنوية القديمة وعدة قطع من مجوهرات أمي وهي تقول إنها لا تريد لها أن تضيع.
ولم تلق على أمي نظرة تذكر في أي من المرتين.
قالت لي عند الباب وهي تتململ من قدم إلى أخرى وكأن الأرض ساخنة تحتها
لا أستطيع أن أراها هكذا آنا. الأمر صعب جدا أنا لست قوية مثلك.
كاد لساني يلفظ إنه أصعب عليها هي لكن الكلمات ذابت قبل أن تصل إلى فمي. كنت مرهقة منهكة من السهر والحزن وليس لدي طاقة لأجادل أو أشرح.
ذكرت نفسي الناس يعالجون الألم بطرق مختلفة يا آنا. ليس الجميع يعرف كيف يجلس في حضڼ الحزن بصمت.
أما أنا فكنت أعرف.
بعد الچنازة عدت إلى شيكاغو وأنا أشعر كأنني بالون انفلت خيطه. تجولت في شقتي كما لو كنت ضيفة غريبة فيها.
كان الطعام المتروك في الثلاجة قد تحول إلى ما يشبه نظاما بيئيا صغيرا. الحليب تعفن ورائحته أسوأ من شكله.
أتذكر أنني وقفت في المطبخ أحد الأيام أحدق في كيس غير مفتوح من حبوب القهوة ولا أتذكر أنني اشتريته أصلا.
قلت لنفسي أمام المرآة
تماسكي يا آنا. أمك الآن في سلام وحان دورك لتجدي سلامك أنت.
لكن السلام لم يأت.
في تلك الليلة وصلني بريد إلكتروني من كيتلين.
عنوان الرسالة كان باردا جافا وصية أمنا.
فتحتها على حاسوبي المحمول وأنا جالسة على السرير وفنجان الشاي يبرد إلى جواري.
استغرق تحميل الوثيقة ثوان ولكنها بدت طويلة كأنها تمهد نفسها لإيذائي.
وقد فعلت.
كل شيء المنزل المدخرات ممتلكات أمي كان مسجلا باسم كيتلين.
وأنا
لم يرد اسمي قط. ولا في سطر واحد.
مررت لأعلى وأعدت القراءة. ربما هناك صفحة أخرى أو ملحق أو ملاحظة
لكن لا شيء.
اتصلت بها واهتز صوتي قبل أن أنطق اسمها.
كايت لقد قرأت الوصية. هل هل هذا صحيح
نعم قالت بثبات لا ينكسر. أمنا أرادت أن يذهب كل شيء لي.

1 2 3 4الصفحة التالية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock