
اتهموا الخادمة بسرقة جوهرة العائلة… لكن ما قاله حفيد المليونيرة في المحكمة صدم الجميع
كانت كلارا تستيقظ قبل الفجر في أغلب الأيام لا لأنها تحب سكون الصباح البارد بل لأن النهار لم يكن ملكا لها كان ملكا لآخرين لجداول المواعيد وللأواني الفضية التي يجب تلميعها وللغرف التي يجب أن تبدو كما لو أن أحدا لم يسكنها يوما طوال اثنين وعشرين عاما كانت كلارا تتحرك داخل قصر عائلة هاميلتون كظل رقيق تمسح الأرضيات وتزيل الغبار تكوي الأغطية وتطوي الملابس التي كانت تنبعث منها رائحة امرأة لم تعد في هذا العالم كانت تعرف أين يختبئ كل خيط مرتخ وكيف تميل
اللوحات قليلا بعد عواصف الشتاء وكيف يفضل السيد هاميلتون أن ينقع الشاي لمدة دقيقتين تماما كانت تحفظ صوت ساعة الجد في الردهة وكيف ينساب الضوء عبر الدرج الرخامي في العاشرة صباحا
وكانت تعرف أيضا المكان غير المعلن الذي تشغله داخل العائلة لا خادمة خالصة ولا فردا من الأسرة إنما منطقة رمادية بين الاثنين آدم هاميلتون الرجل قليل النكات والابتسامات كان يقف أحيانا عند باب المطبخ يراقبها تحرك الحساء وكأن الذكريات تلين قلبه أما ابنه إيثان الذي لم يكن سوى طفل حين وصلت
كلارا فقد كبر وهو يؤمن بأن حضنها هو الملجأ الأكثر أمانا في العالم وحدها مارغريت هاميلتون والدة آدم ومتنفذة العائلة لم تحب هذا التليين كانت تحب الأشياء صارمة مرتبة خالية من العيوب وعلى الرغم من أن عمل كلارا حافظ على القصر براقا دائما فإن ذلك لم يشتر لها رضا مارغريت قط
حافظت كلارا على رأس منخفض معظم الوقت أبقت شقتها الصغيرة قرب السوق مرتبة ودافئة واحتفظت بصورة زوجها الراحل على رف لا يراه أحد سواها عاشت حياة متواضعة تكتفي بكرامة العمل كانت تعتبر تلك الكرامة أثمن من الأجر فهي الثقة الصغيرة المتراكمة ممن يسمحون لك بدخول حياتهم خلف الأبواب المغلقة لكنها ستتعلم لاحقا أن تلك الثقة قد تنهار كجص يابس
أما الجوهرة فكانت أكثر قطع تاريخ العائلة هشاشة وإثارة عقد ذو حجر أكوامارين صاف تحيط به هالة من الألماس ارتدته العرائس وسيدات العائلة لأجيال طويلة كانت مارغريت تحتفظ به في صندوق أرز داخل درج مبطن بالأرز في مكتبها خلف قاع مزيف لا يعرف سره سوى هي وربما المحامي الذي راجع وصيتها العام الماضي كان من نوع التحف التي يتحدث عنها الناس بلهجة مفعمة بالرهبة تلك التي تحول غرفة جلوس إلى متحف
في صباح اليوم الذي اختفت فيه الجوهرة كان المنزل يعج بضوضاء الحياة العادية السائق ينقل أحد أبناء العم إلى المطار الشيف يختلف مع مساعده حول وضع البقدونس على الطبق أما كلارا فكانت في غرفة إيثان ترتب كتبه المبعثرة حين دوى صوت مارغريت الحاد يستدعي الجميع كانت في الصالون تتفحص ذراع كرسي بمنديل حريري حين أعلن أحد الخدم
العقد مفقود يا سيدتي
حل صمت كثيف كأن أحدهم أسدل ستارة ثقيلة انقبض فك آدم وتحرك أفراد الطاقم بحذر متوتر يشبه أداء مسرحي مدروس زحف بصر مارغريت على الوجوه حتى استقر على كلارا بنظرة صقلتها سنوات من السلطة
وقالت وكأنها تشير إلى بقعة
أنت لا بد أنك أخذته
تجمدت راحتا كلارا
سيدتي قالت بصوت مبحوح تعلمين أنني
لكن مارغريت لم تكن تريد تفسيرا
أنت شخص غريب عن العائلة أنت الوحيدة التي كان لديها فرصة الفقر يدفع الناس لاختيارات مختلفة يا كلارا
ضربة كلمة الفقر كانت كصفعة ظلت كلارا دائما دقيقة في مظهرها متواضعة لا متسولة لكنها كانت داخليا امرأة ذات كبرياء خفي حاد
لقد خدمت هذه العائلة بإخلاص قالت وشعرت أن كلماتها تبدو صغيرة في تلك الغرفة الشاسعة فتشوا غرفتي اسألوا الجميع
أنا مستعدة للتعاون
لوحت مارغريت بيدها حركة طرد لا رأفة فيها
سنفعل ما يلزم ثم التفتت نحو آدم
اتصل بالشرطة
كان وجه آدم متصلبا بطريقة جعلت قلب كلارا يرتجف لم يكن قاسيا بطبيعته لكن صمته في ذلك اليوم كان إدانة حاول اعتراض والدته لكن قوة صوتها كانت مما لم يتعلم بعد مواجهته قال أخيرا بصوت خافت يشبه الاعتذار
غادري المنزل حتى تتضح الأمور
اقتادوها إلى مركز الشرطة كما تقاد الحيوانات التي يراد تصحيح سلوكها بأوراق رسمية ولوائح وإيماءات مهذبة مفرغة من الإنسانية راقبها الجيران من خلف الأسوار الصحف التهمت الخبر بشهية فالفضائح المرتبطة بالأثرياء تنتشر كالنار
أجابت كلارا الأسئلة بصدق مرتجف تكرر الحقيقة نفسها التي لم يسمعها أحد لم تأخذ شيئا ولم يكن لديها مكان تخفيه فيه أصلا كانت تنام تحت لحاف قديم خاطته





