قصص قصيرة

مسكوها بتسرق لبن لكن ماحدش عرف إن حياتها هتتغير

كانت السوبر ماركت زحمة والجو برا ثلج بيقرص لدرجة إن النفس كان بيطلع دخان. الناس ماشية طالعة نازلة، كل واحد في حاله، لحد ما صوت جرس الإنذار شقّ المكان فجأة.

البنت الصغيرة اللي شعرها مليان تلج، هدومها مقطعة، ورجلينها حافية… كانت بتجري بكل قوتها، ماسكة كرتونة لبن بإيدين بيترعشوا من البرد. مكنتش بتحاول تغطيها ولا تهرب بذكاء… كانت بس بتجري عشان حد أصغر منها يعيش.

“وقفوها!”
مدير السوبر ماركت صړخ وهو شايف البنت بتتزحلق عند الباب.

قبل ما تلحق تهرب، ظابط الأمن مسكها من دراعها بقسۏة.
“انسي. انتي جاية معايا على القسم. فين أهلك؟”

البنت دموعها نزلت على خدودها الزرقانة من البرد.
“معنديش… والله معنديش. أخويا الصغير جعان. مش راضي يبطل عياط… أرجوك.”

ولا حد اتحرك.
عيون كتير بتبص… بس ولا قلب اهتز.

غير راجل واحد.

راجل لابس بدلة شيك، شايل شنطة لابتوب، ملامحه جامدة ومن النوع اللي تحس إنه عمره ما اتدخل في حياة حد.
مايكل هارت… مليونير مشهور بالبرود، ودايمًا مشغول لحد الهوس.

وقف، كأنه اتسمر.

حاجة في شكل البنت… في رعشتها… في دموعها… كسرت حاجة جواه.

اتقدم بخطوات ثابتة لحد ما بقى واقف قدامهم.
“بس بقى.”

الضابط استغرب. “حضرتك؟ بعد إذنك اتفضل بعيد.”

مايكل نزل لإيد البنت، بصوت هادي:
“اسمك إيه؟”

“أ… أريانـا.”

“وليه خدتِ اللبن؟ قوليلي الحقيقة.”

“عشان… عشان أخويا الرضيع جعان. ماكلش من مبارح. وأختي التانية صوتها رايح من العياط. أنا… أنا مش حرامية، بس… مضطرة.”

الكلام خارج من قلبها زي حد بيغرق وبيطلب نفس أخير.

مايكل وقف وبص للمدير.
“حساب كل اللي خدته عليّ. وكمان هات أي أكل هي محتاجاه.”

المدير اتعصب.
“يا أستاذ حتى لو دفعت! دي سړقة!”

مايكل قرب منه خطوة، نبرة صوته بردة بس مرعبة:
“تحب تبقى تريند على الإنترنت إنك بلغت عن طفلة جعانة؟ ولا نكلم الإدارة اللي فوقك؟ انا عندي وقت… تحب أجرب؟”

المدير اتجمد.
الضابط ساب ذراع البنت.

أريانا وقعت على الأرض، رجليها مبقتش شايلها.

مايكل مد إيده.
“يلا يا أريانا… ورّيني بيتك.”

الشارع كان ثلج، والبنت ماشية قدامه بخطوات صغيرة.
مايكل كان فاكر إنها ساكنة في شقة فقيرة… أو غرفة قديمة… لكن لما وصلت لآخر الشارع، وقفت قدام فتحة مبنى مهجور.

“هنا؟”

أريانا هزت راسها بخجل.
“إحنا بننام هنا… من يوم ما ماما ماټت. بابا… اختفى.”

مايكل بلع ريقه.
“وإخواتك؟”

البنت دخلت الأول، وهو وراها، ماسك كشاف موبايله.
لقا طفل رضيع نايم على بطانية رفيعة، وطفلة تانية عندها حوالي أربعة سنين، ملفوفة في جاكيت راجل كبير عليها.

الرضيع ووشه أحمر… بيعيط من الجوع.
والبنت التانية صوتها مبحوح.

أريانا خدت كرتونة اللبن بسرعة.
“ممكن أديهم؟”

مايكل قال:
“اعملي اللي لازم تعمليه.”

فضل واقف يتفرج… على أخت كبيرة عمرها يمكن تسع سنين… عاملة نفسها أم… بتحاول تنقذ إخواتها لوحدها.

حاجة في قلبه اتكسرت.

بعد ربع ساعة، مايكل كان قاعد جوه المبنى المهجور، ماسك الرضيع على دراعه، بيهزه بلطف.
حاجة عمره ما عملها.
ولا اتخيل يعملها.

“إنتو بقالكوا قد إيه هنا؟”
سأل بصوت واطي.

أريانا قالت:
“من 3 أسابيع. كنت بشتغل أغسل صحون في مطعم… طردوني لما عرفوا إني طفلة. ومن يومها.. بنحاول نعيش.”

طفلة… شايلة اللي الدنيا كلها مش قادرة تشيله.

1 2الصفحة التالية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock