قصص قصيرة

بين الحب و الاهانه كاملة

في الصباح التالي، فتحتُ درجاً كنتُ أخبّئ فيه رسائل كتبها لي راغاف أيام الخطوبة، مليئة بوعودٍ مثل: «مهما حدث، سأحبّك وأحميك.»
نسختُ تلك الرسائل وجمعتُها في كتيّب صغير، ثم كتبتُ رسالتي أنا: حكيتُ فيها رحلتي كلّها—آلام الظهر، والانتفاخ، وعلامات التمدّد، وكل انقباضة شعرتُ بها في مستشفى AIIMS، وكل دمعة بكيتها، والإهانة التي شعرت بها حين نُفيت إلى الأريكة بسبب رائحة لا أستطيع السيطرة عليها.

وإلى جانب الرسائل، وضعتُ وحدة تخزين USB تحتوي على مقطعٍ سجّلته خفية خلال الولادة: أنا أتلوّى من الألم، أصرخ باسمه، وأدعو أن يكون بخير. وفي النهاية، كتبتُ جملة واحدة:

«هذه هي المرأة ذات الرائحة الكريهة التي أقسمتَ يوماً أن تحبّها.»

في ذلك المساء، عاد راغاف إلى البيت. فتح الرسائل، ثم شغّل المقطع على شاشة التلفاز. وقفتُ بصمت في الزاوية. ارتجفت كتفاه، ثم ډفن وجهه بين يديه باكياً. وبعد صمتٍ طويل، جثا أمامي قائلاً:

«تانفي، كنتُ مخطئاً. لم أدرك قطُّ ما مررتِ به. لقد كنتُ زوجاً سيئاً للغاية.»
لم أغفر له فوراً.

قلتُ له: «أتظنّ أنني أردتُ هذا الجسد؟ لقد حملتُ طفلك. أهنْتني أمام الآخرين. إن لم تستطع أن تتغيّر، فسأرحل—لأنني أستحقّ الاحترام.»

تمسّك بي راغاف وهو يعتذر مراراً وتكراراً، لكن الچرح في داخلي ظلّ يؤلمني متفره  على صفحه روايات واقتباسات وفي تلك اللحظة، كشفت لي أمي أمراً كانت تخفيه: لقد أخذتني إلى قسم الغدد الصمّاء في مستشفى AIIMS. وكانت التشخيص—التهاب الغدة الدرقية بعد الولادة. حالة نادرة، لكنها قابلة للعلاج. وكانت قد بدأت بالفعل في إرشادي للأدوية والفحوصات. خلال أسابيع، اختفت الرائحة، واستعاد جسدي شيئاً من قوّته.

اهتزّ راغاف من الداخل، وبدأ يحاول إصلاح ما كسره. اقترح العلاج الزوجي في ساكيت، وعرض أن يتولى رعاية الطفل في عطلات نهاية الأسبوع، بل قال إنه سينام في غرفة المعيشة لأجل أن أرتاح. والتحق ببرنامج «الآباء الجدد» في إحدى المنظمات في غورغاون. أما أنا، فوضعتُ ثلاث قواعد:

1. لا إهانة للجسد، في البيت أو أمام الآخرين.


2. تقاسم رعاية الطفل والأعمال المنزلية بالتساوي—والجدول معلّق على الثلاجة.


3. احترام العلاج الطبي. لا اتهام لي بالكسل، ولا تجاهل لكلام الطبيب.

وافق، بل ووقّع على «قواعد المنزل». ومنحته الوقت… دون أي وعود.

بعد شهر، بدأت أستعيد نفسي من جديد. استقرت الغدة الدرقية، خفّ وزني، تحسّن لون بشرتي، واختفت الرائحة تماماً. بهدوء، صار راغاف يتولى شراء الحاجيات، وتعلّم كيف يُحمّم فېهان، وبدأ يضبط المنبّه ليلاً ليعتني به. وفي يوم، وجدتُ ظرفاً على الطاولة—كُتبت فيه وعوده القديمة إلى جانب عهد جديد:

«سأحبّ وأحمي—لا بالكلام، بل بالأفعال.»

لم أعد أعبأ بالورود أو المديح. ما احتجته هو الاحترام. وهذه المرة رأيته—في المطبخ، وفي الغسيل، وفي زجاجة الحليب، وفي جلسات العلاج الزوجي التي حضرناها معاً.

وفي النهاية، فهمتُ شيئاً أساسياً: تغيّرات ما بعد الولادة حقيقية. والرائحة الحامضة ليست قذارة، بل علامة على أنّ الجسد يحتاج إلى شفاء. والزوج الجيد ليس من يُطرِي، بل من يعترف بخطئه ويتعلم كيف يكون شريكاً من جديد.

وردّي عليه لم يكن بالصړاخ—بل بوضع كلماته القديمة أمام تضحياتي. لقد أجبره ذلك على مواجهة نفسه، وذكّر عائلتي كلها بكمّ الاحترام والكرامة التي تستحقّها أي أم.

الصفحة السابقة 1 2

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock