قصص قصيرة

الملياردير الذي ركع في الشارع لأجل أمّه فغيّر حياة بائعة الطعام إلى الأبد

كان هدير المحركات العالي يهز شارع بورت هاركورت المغبر قبل أن يرى أحد السيارات. بدأ الناس الذين يأكلون تحت مظلة أمارا القديمة يلتفتون نحو الطريق مرتبكين. فجأة بدت الطاولات الخشبية والكراسي البلاستيكية ودخان موقد الفحم صغيرة جدا عادية جدا أمام ما كان قادما. توقفت جيسيكا ابنة أمارا المراهقة في منتصف الخطوة والطبق في يدها.
حتى ماما هانا التي كانت في منتصف صحنها المعتاد من الأرز الجولوف واللحم تجمدت وملعقتها معلقة في الهواء. ثلاث سيارات دفع رباعي سوداء طويلة ولامعة زحفت إلى داخل الحي الضيق كأنها ملوك تاهوا عن طريقهم. وقف الناس عن كراسيهم.
همس بعضهم
لمن هذه السيارات هل هو سياسي هل هناك مشكلة ما
توقفت السيارات مباشرة أمام مطعم أمارا الصغير على جانب الطريق ذلك المطعم نفسه المبني من طاولة خشبية ومبردين كبيرين ومظلة ممزقة ترفرف في الهواء. كاد قلب أمارا أن يتوقف. اشتدت قبضتها حول مغرفة التقديم ويديها ملطختان بالمرق والزيت. لم تر في حياتها سيارات بهذا الثراء تقف قريبا بهذا الشكل.
وبالتأكيد لم تكن تظن أنها جاءت من أجلها.
فتح باب السيارة الأولى. نزل رجل طويل أسمر البشرة. بدا كأنه منحوت من المال نفسه بدلة أنيقة بلون أزرق كحلي نظيف حذاء لامع مصقول وساعة في معصمه تلمع كأنها ألماس. خلفه نزل حارسان عبوسان يرمقان المكان بنظرات حادة كأنهما يحميان رئيس دولة. لم ينظر الرجل لا يمينا ولا يسارا.
مشى مباشرة نحو مطعم أمارا الصغير مباشرة نحوها.
حبس الحي بأكمله أنفاسه.
همست جيسيكا
ماما هو هو جاي لعندنا.
شعرت أمارا بضعف في ركبتيها وشرارات صغيرة ترقص في صدرها. مسحت يديها بسرعة بمئزرها لكن بقع المرق رفضت أن تزول. توقف الرجل أمامها تماما. كانت عيناه دافئتين ومليئتين بشيء غريب من الانفعال.
تنحنح مرة واحدة وقال
مساء الخير.
لم تستطع أمارا أن تتكلم. اكتفت بهز رأسها كأن شفتيها التصقتا ببعضهما. تابع هو قائلا
من فضلكم من هي أمارا صاحبة هذا المكان
ساد صمت حتى داخل المبردات. سقط طبق ما خلفهم وانكسر على الأرض. ببطء ويداها ترتجفان رفعت أمارا أصابعها
أ أنا. أنا أمارا.
زفر الرجل نفسا ثقيلا اهتز له صدره ثم قال الكلمات التي جعلت عالم أمارا يميل
شكرا لأنك آويت أمي وأطعمتها كل يوم.
انتشرت شهقات الذهول في الشارع كله كأنها موجة صوت.
ماما أي أم همس أحدهم.
رمشت أمارا سريعا
أمك من من هي أمك
وقبل أن يتكلم الرجل جاء صوت ضعيف متهدج من خلف أمارا
من فضلك من هي أمك
التفت الجميع.
إنها ماما هانا. كانت يداها ترتجفان وكاد طبقها أن يسقط من بين أصابعها. عيناها واسعتان خائفتان ومبللتان بالدموع. أسقطت جيسيكا قطعة القماش التي كانت تمسك بها. استدار الملياردير ببطء كمن يلتفت إلى شبح وتركزت عيناه في عيني هانا.
وفي تلك اللحظة بدا العالم كأنه توقف عن التنفس.
تقدم خطوة صغيرة نحوها ثم أخرى ثم أمام المطعم الصغير تماما على الطريق الترابي في بورت هاركورت جثا الملياردير على ركبته.
ركع أمام الأرملة المشردة التي كان الجميع يتجاهلها. ركع والدموع تنهمر على

1 2 3 4 5 6 7الصفحة التالية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock