قصص قصيرة

الملياردير الذي ركع في الشارع لأجل أمّه فغيّر حياة بائعة الطعام إلى الأبد

همس جيري بكلمات ثقيلة كأنها حجارة
زوجك جونسون اختطفه الأشخاص أنفسهم الذين اختطفوني أنا وأبي.
انفتح فم أمارا من الصدمة. شهقت جيسيكا.
ساد صمت عميق في الغرفة.
ماما ماذا يعني هذا تمتمت جيسيكا بصوت مرتجف.
لم تستطع أمارا الرد. تابع جيري ببطء
لا نعلم إن كان قد نجا لا نعرف أين هو الآن. لكننا نعرف شيئا واحدا هو لم يتركك بإرادته. لم يختر أن يختفي.
وضعت أمارا يدها على صدرها
لا هذا لا يمكن
غمرت الدموع عينيها. جيسيكا.
وقف جيري ووضع يده بلطف على كتف أمارا
أعدك بشيء اليوم أقسم على حياتي.
رفعت إليه عينيها المرتجفتين.
قال
سأبحث عنه. حتى لو كلفني ذلك كل شيء أملكه سأبحث عن جونسون. حيا كان أو راحلا سأجلب لك الإجابة.
غطت أمارا وجهها بكلتا يديها وبكت بكاء عميقا ممزقا خرج من جرح حملته ثلاث سنوات. بكت ماما هانا أيضا. وبكت جيسيكا. وابتلع جيري دموعه بصعوبة. لم يكن هذا مجرد إحسان يعود إلى صاحبه كان قدرا يكشف وحقيقة تنهض من الرماد وبداية جديدة لم تكن أمارا تتوقعها.
بعد وقت طويل حين هدأت الغرفة قليلا مسح جيري وجهه وقال
ليس هذا كل شيء.
رفعت أمارا رأسها ما تزال منهكة من البكاء
ما زال هناك شيء آخر
قال
أعمال البناء بدأت اليوم. العمال موجودون في الموقع الآن.
اتسعت عينا جيسيكا
الآن
ابتسم جيري
مع حلول المساء سيكون الأساس قد اكتمل.
صرخت جيسيكا من الفرح
شكرا يا عمو جيري!
ضحك بخفة. ثم تابع
يا أمارا ستكونين في الافتتاح بعد شهر. أمي ستقص الشريط. وابنتك ستكرم والمدينة كلها ستعرف اسمك.
انهمرت دموع جديدة من عيني أمارا.
لكن جيري لم ينته بعد
يا جيسيكا قال بلطف.
حين تصبحين طبيبة يوما ما أريدك أن تتذكري شيئا.
هزت رأسها بحماس
ما هو
قال
لم تصبحي طبيبة لأن مليارديرا دفع مصاريفك بل لأن أمك ربتك على اللطف.
وأضاف
واللطف دائما يعود إلى صاحبه.
مسحت جيسيكا دموعها
نعم يا سيدي.
تنفس جيري بعمق
وثمة أمر آخر.
مال الجميع للأمام.
قال بهدوء
تظنين أن هذه نهاية البركات لكنها مجرد البداية.
حدقت أمارا فيه غارقة في الدهشة
بداية ماذا
ابتسم
بداية عائلة
نظرت جيسيكا حولها باستغراب
عائلة من
رمقها جيري بنظرة دافئة ثم نظر إلى أمارا ثم إلى ماما هانا. وقال
ستعرفون قريبا.
في صباح اليوم التالي استيقظت بورت هاركورت على صخب غير معتاد. انتشرت الأخبار في المدينة
ملياردير يبني مطعما لبائعة طعام على الرصيف.
أرملة مشردة تلتقي بابنها بعد ٢٠ سنة.
بدء بناء مطعم كايندنس بين عشية وضحاها.
تجمع الناس قرب الموقع الذي سوى فيه عمال جيري الأرض وحفروا الأساسات. شاحنات تتحرك خلاطات الأسمنت تدور مهندسون يصرخون بالتعليمات والجيران يشيرون إلى المبنى الصاعد كأنه معجزة تنبت من التراب.
لكن المعجزة الحقيقية كانت في قلب أمارا.
في داخلها كان أمل دفنته منذ سنوات يستيقظ من جديد. ليس لأنها أرادت ثروة أو شهرة بل لأن شخصا قويا يؤمن لأول مرة أنها تستحق جوابا وأن هذا الشخص مستعد أن يقاتل من أجلها.
وصلت أمارا وجيسيكا وجيري إلى المستشفى مبكرا. ما إن دخلوا الردهة حتى بدأت الممرضات يتهامسن مجددا
هذه هي المرأة أم الملياردير كانت تعيش عندها لابد أنها مباركة.
ابتسمت أمارا بخجل لم تعتد بعد على هذا الاهتمام.
لكن حين وصلوا إلى باب غرفة ماما هانا توقف جيري
هناك شيء يجب أن تريه قال بهدوء.
سألت
ماذا
فتح الباب بلطف.
كانت ماما هانا جالسة على السرير تبتسم بإشراقة أكبر من الأمس. لكنها لم تكن وحدها. كان هناك رجل يقف إلى جانبها. رجل طويل كتفاه منحنية من التعب عيناه لطيفتان. استدار ببطء عندما دخلوا.
تجمدت أمارا. اختنق نفسها. ارتخت ركبتيها.
قالت جيسيكا بصوت مكسور
ماما هل هذا
تقدم جيري ببطء
يا أمارا تعرفي عليه.
اقترب الرجل مترددا منفعلا غير واثق.
همس
يا أمارا
كان ذلك الهمس هو نفسه الذي سمعته في أحلامها. الصوت الذي ظنت أنها لن تسمعه يوما من جديد. وضعت يدها على صدرها وهي ترتجف
لا هذا ليس حقيقيا.
ابتلع الرجل ريقه
إنه أنا.
انفرجت شفتاها
جونسون
هز رأسه ببطء ثم انفجر في البكاء.
في تلك اللحظة أيقنت أمارا. إنه هو زوجها الرجل الذي اختفى منذ ثلاث سنوات والد جيسيكا الذي ترك حفرة في قلبها. كان حيا منهكا أنحف أكبر سنا لكنه حي.
تقدمت أمارا مترنحة وغطت فمها بيديها
جونسون أنت حي أنت حقا حي!
مد يده ثم سحبها بخجل كأنه ليس متأكدا إن كان له حق لمسها
يا أمارا أنا آسف جدا. لم أتركك. خط.فوني ض.ربوني أخفوني. حاولت حاولت أن أعود إلى البيت.
انفجرت أمارا في البكاء وارتمت بين ذراعيه. أحاطها بقوة وبكى على كتفها.
ركضت جيسيكا نحوهم الاثنين
ماما بابا بابا أنت حي!
أغرق جونسون رأسها بالقبلات
يا طبيبتي الصغيرة لم أتوقف عن الدعاء لك.
ابتعدت أمارا قليلا ولمست وجهه بأصابع مرتجفة
أنت حقيقي لست حلما.
أومأ وهو يبكي
لم أتركك بإرادتي أبدا.
راقبهم جيري من بعيد وعيناه ممتلئتان.
قال بهدوء
حين أخبرتك أنني سأجده كان المحققون قد وجدوا بالفعل خيوطا. الليلة الماضية تأكدنا من كل شيء. وجدناه وجلبناه إلى هنا فجرا.
التفتت أمارا إليه والدموع تغمر وجهها
أنت فعلت هذا
هز رأسه بلطف
أنت أنقذت أمي وأنا أنقذت عائلتك.
عانقته جيسيكا بقوة
شكرا يا عمو جيري شكرا.
ربت على رأسها
والدك يستحق أن يرى الحياة التي تركها وراءه.
ابتسمت ماما هانا بفخر من سريرها
الله استخدم الطيبة ليجمعنا جميعا إلى البيت.
مسحت أمارا دموع جونسون
كيف أطلقوا سراحك
هز رأسه ببطء
قبض على بعض الخاطفين قبل أسبوعين. وعندما داهمت الشرطة مخبأهم وجدونا. كنت ضعيفا ومشوشا. لكنني تذكرت شيئا واحدا اسمك.
بكت أمارا من جديد وألصقت جبينها بجبينه
لقد عدت بعد كل هذه السنين عدت.
هز رأسه
لأنك انتظرتني.

الصفحة السابقة 1 2 3 4 5 6 7الصفحة التالية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock