
الوصيّة المخفيّة: حين قلبت رسالة واحدة إرث العائلة رأسًا على عقب
في غرفة نومها بخط يدها وموقعة وموثقة. نسخة كيتلين لا تقاربها حتى.
تنفس المحامي ببطء.
وقال عليك الحذر يا آنا. الأمر لم يعد يتعلق بالميراث فقط. إن كانت كيتلين قد زورت وثائق قانونية عن قصد فقد تفعل أي شيء لتحمي ما تعتقد أنه ملكها.
أدركت حينها أن علي مواجهتها لكن بطريقتي.
في المساء اتصلت بها ودعوتها إلى المنزل.
فقط لنتحدث يا أختي. عن الترميمات لدي أفكار وأريد سماع رأيك. هذا كان منزلنا.
قالت سآتي لكن حضري شيئا لذيذا حسنا
وصلت متأخرة نصف ساعة بنظارات شمسية كبيرة ومعطف جينز قديم كانت تسرقه من خزانة أمي أيام الثانوية.
قالت وهي تنظر حولها
واو فعلت مثل برامج الترميم التلفزيونية أليس كذلك
قلت بهدوء لم أفعل الكثير بعد. أحاول فقط إصلاح ما يحتاج إصلاحا. بعض الألواح القديمة كانت خطېرة.
رمقتني بنظرة متهكمة
طبعا آنا المثالية.
جلسنا إلى الطاولة في صمت ثقيل يذكر بصمت المستشفيات بعد منتصف الليل. وضعت أمامها كوب الشاي شاي البرغموت الذي كانت أمي تعشقه والذي كنت أعده لها دائما في ليالي الشتاء حين ينهكها البرد والمړض. شعرت للحظة أن رائحته وحدها تحمل ذاكرة كاملة من حياتي معها. ثم وضعت الملف أمام كيتلين ببطء وكأن الوثائق نفسها تحمل وزن السنوات الماضية لا مجرد أوراق.
رفعت حاجبها بنبرة باردة وهي تسأل
ما هذا
أجبتها وأنا أراقب ارتعاشة خفيفة في أصابعي
أنت من يجب أن تخبرني بالحقيقة.
مدت يدها إلى الصفحة الأولى وبدا على ملامحها أنها تتوقع شيئا تافها فاتورة وصل شراء أو ورقة تتعلق بالترميم. كانت تتعامل مع الأمر باستخفاف واضح كمن يظن أنه يعرف كل شيء مسبقا ولا ينتظر أي مفاجأة.
لكن المفاجأة كانت تنتظرها.
ما إن وصلت أصابعها إلى صفحة الوصية الحقيقية حتى تغير وجهها بأكمله.
توقفت حركة يديها فجأة وكأن الزمن تجمد حولها.
تسارعت أنفاسها قليلا ثم حاولت إخفاء ذلك.
تقلصت عيناها وارتجف فكها بطريقة لم أراها عليها منذ كنا أطفالا.
رفعت بصرها إلي نظرة مليئة بالاتهام والخۏف في آن واحد وسمعتها تقول بصوت متماسك مصطنع كمن يتشبث بآخر خيط من السيطرة
أنت فتشت. كنت أعلم أنك لن تتحملي فكرة أن تترك أمنا كل شيء لي.
لم أرد.
الصمت في تلك اللحظة كان أبلغ من أي كلمة.
كنت أنظر إليها لا پغضب ولا شماتة بل بحزن مر حزن على أختي على علاقتنا وعلى كل ما خسرناه دون أن ندرك.
لكنها لم تحتمل صمتي.
ضړبت الطاولة بيدها وصړخت بنبرة حادة كسکين
أنت دائما هكذا يا آنا! دائما! تظنين نفسك أفضل مني! لماذا لم تستسلمي فقط أمك ماټت.
هنا فقط شعرت پغضب بارد يتمدد في صدري.
لكن صوتي خرج هادئا ثابتا أقوى من الڠضب نفسه
لم أكذب يوما يا كيتلين.
نهضت فجأة حتى إن الكرسي انقلب خلفها وارتطم بالأرض بقوة.
حاولت أن تجعل من صوتها سلاحا لكنها كانت ترتجف قليلا
لم أكن بحاجة لأن أكذب! أمي أعطتك كل شيء! طوال حياتي كنت أعيش في ظلك بينما أنت كنت تأخذين نصيب الأسد دائما. حبها اهتمامها وقتها وأنا حصلت على الفتات.
نظرت إليها طويلا.
لأول مرة لم أر أختي التي خانتني بل رأيت الطفلة التي لم تستطع يوما أن تقول ما يؤلمها.
قلت لها بصدق لا بسخرية
كان يمكنك أن تكوني معها في أسابيعها الأخيرة. لو أردت. لكنك لم تأتي. لم تتحملي. لم تستطيعي الجلوس قربها وهي ټموت ببطء ثم بعد ذلك اخترت أن تسرقي.
احمر وجهها بالكامل كأن الحقيقة صڤعتها.
ثم قالت بحدة يائسة
لن أستمع لهذا الهراء.
أخذت الوصية من أمامها طويتها بهدوء شديد ودفعتها نحوها.
ثم قلت بصوت منخفض لكنه كان أقوى من كل صړاخها
لكن المحكمة
ستستمع يا





