
طفلة حافية أعادت للملياردير ساقيه… وقلبه قبل ذلك
كان أليخاندرو روميرو يبدو كالرجل الذي يحسده العالم مبان تحمل اسمه مطاعم تحتفظ له دائما بطاولة جاهزة وحسابات مصرفية لا تعرف الخطر. ومع ذلك في ذلك المساء البارد من شتاء برشلونة وهو يراقب أضواء المدينة تنعكس على زجاج المطعم لم يشعر إلا بشيء واحد الفراغ.
في الرابعة والثلاثين من عمره أمضى خمس سنوات حبيس كرسي متحرك وسنوات أطول حبيس نفسه. لم يأخذ منه الحادث ساقيه فقط بل انتزع منه ثقته بالحياة.
جلست ماريا إلى جواره عاملة النظافة في قصره في التاسعة والعشرين من عمرها يداها متآكلتان من كثرة تنظيف الأرضيات وظهرها قوي لأنها اعتادت النجاة وحدها. لم تعامله كملياردير ولا كرجل مكسور بل كإنسان. ومعها لم يكن مضطرا للتظاهر أو التمثيل.
قطع الصمت صوت خافت اخترق الهواء البارد سيدي هل لديك طعام متبق استدار أليخاندرو متوقعا شخصا بالغا يحاول استدرار الشفقة. لكن ما رآه كان طفلة صغيرة في الخامسة تقريبا ترتجف في فستان ممزق لا يقي برد الشتاء حافية القدمين شعرها أشعث. غير أن عينيها كانتا مختلفتين. لم تكونا متوسلتين بل حيتين مملوءتين بالحياة.
لم تتردد ماريا. أخرجت الطعام الذي كانت قد احتفظت به ووضعته في يدي الطفلة قائلة تفضلي يا صغيرتي كلي بهدوء. ابتسمت الطفلة ابتسامة أكبر من وجهها الصغير وقالت شكرا لك.
جلست الطفلة على حافة الرصيف وأخذت تأكل ببطء كأن كل لقمةلها قيمة. أنهت نصف الطعام ثم توقفت ووضعت الباقي في كيس صغير متسخ. رمقتها ماريا بدهشة ألست ما زلت جائعة يمكنك أن تكملي. هزت الطفلة رأسها قائلة أنا جائعة فعلا لكن هناك أطفالا آخرين في الساحة جائعون أيضا. نحن نتشارك. ثم أضافت بصوت خافت إذا أكلت كثيرا ولم يأكلوا هم قلبي يؤلمني.
ضربت هذه الكلمات أليخاندرو بقسوة لم تضربه بها أي عناوين صحفية من قبل. طفلة لا تملك شيئا تفكر في غيرها بينما هو وسط كل هذا الرفاه قضى سنوات لا يفكر إلا في ألمه.
نظرت الطفلة إلى كرسيه المتحرك إلى ساقيه الساكنتين إلى التوتر في يديه وسألته ببراءة سيدي لماذا لا تمشي ابتلع أليخاندرو ريقه وقال تعرضت لحادث قبل خمس سنوات. ساقاي لا تعملان. الأطباء يقولون إنه لا حل. حدقت فيه الطفلة كما لو أنه قال شيئا غير منطقي ثم قالت بثقة لكن الله يستطيع. وأضافت بحزم غريب على عمرها إن لم تصدق سأصدق أنا عنك.
وقبل أن يتمكن أليخاندرو من الرد تقدمت نحوه وضعت كفيها الصغيرتين بلطف على ساقيه أغمضت عينيها ودعت يا الله اجعل ساقي هذا الرجل تعملان من جديد. دعه يمشي ويركض ويكون سعيدا. آمين. لم يحدث رعد ولا وميض ولا معجزة سينمائية. فقط إحساس خافت جدا بالوخز في ساقي أليخاندرو. إحساس ضئيل لكنه لرجل لم يشعر بشيء منذ خمس سنوات كان أمرا هائلا.
تراجعت الطفلة خطوة ومدت يدها نحوه كأنها عقد حسنا يا سيدي
سأدعو لك كل يوم. صافحها أليخاندرو وهو ما يزال مذهولا دون أن يعلم أن تلك المصافحة غيرت مستقبله كله.
في اليوم التالي عادت ثم في الذي يليه في الوقت نفسه وبالابتسامة الخجولة ذاتها. كان اسمها كلوديا. في الخامسة من عمرها. طفلة شوارع تنام على المقاعد أو تحت المداخل ويرعاها المشردون قدر استطاعتهم. لم تطلب مالا أبدا فقط طعاما. وفي كل مرة تحصل عليه تبقي جزءا منه لأطفال لا يلاحظهم أحد.
بدأ أليخاندرو ينتظرها دون أن يشعر ينظر إلى الساعة بقلق. كانت ماريا تحضر الطعام وكلوديا تشاركه ثم الدعاء كفان صغيرتان على ساقيه وكلمات بسيطة وإيمان نقي.
في البداية أقنع أليخاندرو نفسه أن الأمر إيحاء. لكن الوخز كان يعود. أحيانا دفء وأحيانا تقلصات خفيفة وأحيانا لسعات حادة تجعله يحدق في ساقيه كأنهما ليستا له.
في أحد الأيام لم يعد قادرا على الصمت ماريا أظن أنني أشعر بساقي. نظرت إليه بقلق ماذا تقصد قال مترددا لا أستطيع الشرح وخز لسعات صغيرة ليست مريحة لكنها إحساس. ولم أشعر بشيء منذ سنوات. اغرورقت عينا ماريا بالدموع أليخاندرو هذا ليس جنونا. هذا معجزة. تلك الطفلة مختلفة. لم يجب. كلمة معجزة كانت ما تزال ثقيلة لكن وجه كلوديا ولطفها وسخاءها كسر شيئا ظل مغلقا في داخله طويلا.
رأت مارتا طليقته المشهد ذات يوم أليخاندرو ماريا وكلوديا وأليخاندرو يضحك. التوت الغيرة والخوف





