
قصه لغز مخبأ كاملة
بصوت يكاد لا يسمع
هكذا كان ماتيو يناديني عندما كنا صغارا.
شعرت ببرودة تسري في يدي.
ذلك الصوت لم يكن صوت كائن شرير.
كان صوت شخص يطلب شيئا أو يبحث عن أحد.
لكن خلفه خلف هذا النداء الطفولي كان هناك شيء آخر.
ثقل حضور لم يكن ينتمي لهذا العالم.
قال زوجي بارتجاف
ماتيو هل أنت أنت
الصوت أجاب بصوت أعمق هذه المرة مشوه
دعوني أخرج
ارتدت حماتي صړخة مفاجئة من الداخلثم انقطع صوتها تماما.
قفز زوجي نحو المقبض يريد فتح الباب.
صړخت لا!!
لكن قبل أن ألمسه
صدر من خلف الباب صوت تمزق كأن شيئا يسحب بعيدا بقوة.
ثم ساد صمت مطبق.
تراجع زوجي خطوة إلى الوراء يدا على فمه.
أمي! صړخ.
لا جواب.
كل ما سمعناه
كان صوت القلادة على الأرض ترتطم بخشب الغرفةببطء.
مرة
ثم مرة أخرى
كأن أحدا يحركها بإصبعه.
وأخيرا توقفت.
ثم جاء صوت واحد همس بالكاد مسموع
لقد خرج
ارتعش قلبي.
خرج! هتفت. خرج من الغرفة! أم خرج من ماذا
لم تجئ أي إجابة وفي تلك اللحظة بالذات
سمع صرير الباب الأمامي مجددا.
ولكن هذه المرة لم يفتح
بل أغلق.
بقوة.
ثم خطوتان بطيئتان تبتعدان عبر الممر.
شعرت بأن الهواء تغير.
كأن شيئا ما مر بقربنا دون أن نراه.
زوجي شهق همسا
إنه ليس في الغرفة.
إنه يتحرك في البيت.
ثم صړخة لوسيا الحادة اخترقت صمت الطابق السفلي
ماماااااا!!
اندفعنا نحو السلالم فور سماع صړخة لوسيا.
كنت أركض دون أن أشعر بقدمي وزوجي خلفي ينادي ابنتنا باسمها. وصلنا إلى أسفل الدرج لنجد لوسيا واقفة ليست مصاپة بل مذهولة فقط وهي تشير بيد مرتعشة إلى الممر المؤدي للباب الأمامي.
ماما كان في حد هنا لكنه خرج.
ركض زوجي نحو الباب.
كان الباب مغلقا بإحكام والقفل من الداخل
لم يكن هناك أثر لكسر ولا لوجود أحد.
وللوهلة الأولى ساد البيت صمت لطيف طبيعي
كأن شيئا ثقيلا كان يخيم عليناوغادر.
حملت لوسيا وهي تتشبث بي بينما زفرت زفرة طويلة.
سأل زوجي بصوت منخفض
هل هل ما زال هنا
قبل أن أجيب لاحظت شيئا صغيرا عند عتبة الباب
القلادة
هي نفسها لكنها الآن مغلقة بإحكام بلا ضوء بلا نبض.
والأغرب أنها كانت نظيفة لامعة كأنها غسلت من ظلال الماضي.
رفعها زوجي بيده وهو يتنهد براحة غريبة.
فجأة سمعنا صوتا ضعيفا من الأعلىصوت أمه.
صعدنا نركض. وجدناها مستلقية بهدوء عيناها نصف مفتوحتين لكنها لم تكن مذعورة ولا مرتجفة.
كانت تنظر إلينا بسلام كأن حملا ثقيلا أزيح عن صدرها لأول مرة منذ سنوات.
همست بصعوبة
ذهب لن يعود.
اقترب منها زوجي وأمسك يدها فابتسمت ابتسامة صغيرةأول ابتسامة منها منذ الحاډث الذي شلها.
خرجت من شفتيها كلمات خاڤتة
كان يبحث عن طريقه لا عن إيذائنا.
ثم أغمضت عينيها لا مۏتا بل نوما عميقا مطمئنا متوفره على صفحه روايات واقتباسات في تلك الليلة جلسنا نحن الثلاثة في غرفة المعيشة باب البيت مفتوحا على هواء الليل العليل.
لم نعد نشعر بالخۏف.
بل بالراحة كأن روحا ما كانت عالقة هنا لسنوات وأخيرا حررت.
قال زوجي وهو ينظر للسماء
ربما لم يكن ماتيو يريد الدخول
ربما كان يريد
الخروج فقط.
هززت رأسي موافقة بينما حضنت لوسيا التي كانت قد هدأت تماما.
وقفت أغلقت الباب برفق ووضعت القلادة في صندوق خشبي صغير.
وفي تلك اللحظة شعرت بشيء ما
خفيفا دافئا
يمر قرب كتفي كلمسة وداع.
ابتسمت دون خوف.
كانت النهاية
هادئة بسيطة.
فقد غادر الظل
وعاد البيت بيتا من جديد.





