
تظاهرَ هذا الملياردير بالنوم… وما فعله طفل الخادمة جعله ينهار
اليوم البعيد اليوم الذي لم يكن فيه حدث جلل ولا صفقة ضخمة ولا توقيع عقود بملايين الدولارات بل لحظة صامتة داخل مكتبة واسعة حين وضع طفل صغير سترته المبتلة على ساقي رجل عجوز. كتب مالكوم أن تلك اللحظة أعادت الدفء إلى قلبه قبل جسده وأيقظت فيه إنسانا ظن أنه ماټ منذ زمن. قال إن الإيمان الذي عاد إليه لم يكن إيمانا بالناس جميعا بل بإمكانية الخير وبأن النقاء ما زال موجودا في هذا العالم القاسې.
وجاء في الرسالة أن الثروة الحقيقية لا تقاس بما تملكه الخزائن ولا بعدد الشركات ولا بقيمة الأسهم بل بما تتركه من أثر في القلوب وبالرحمة التي يمنحها الإنسان حين لا يكون مضطرا لذلك. كتب أنه قضى عمره يبني إمبراطورية ليحمي نفسه من الخسارة لكنه اكتشف متأخرا أن ما كان يخشاه لم يكن الفقر بل الوحدة.
ساد الصمت أرجاء المكتبة بعد انتهاء قراءة الرسالة. لم يعد أحد يتكلم. حتى أولئك الذين جاؤوا بدافع الطمع خفتت أصواتهم وكأن الكلمات نزعت عنهم القدرة على الاعتراض.
تقدم المحامي بخطوات هادئة وحمل بين يديه علبة صغيرة من المخمل الداكن وقدمها إلى مايلو. فتحها الصبي ببطء وكأن الزمن تباطأ من حوله. في داخلها كانت سيارة ريسر فين لكنها لم تعد كما كانت. صارت مصقولة بعناية وعوضت عجلةها المفقودة بعجلة صغيرة من الذهب الخالص متقنة الصنع كأنها وضعت لتبقى إلى الأبد.
أغمض مايلو عينيه وضغط على اللعبة برفق كما كان يفعل حين كان أصغر حين كانت الدنيا أوسع من فهمه وأقسى من احتماله. ارتجف صوته وهو يهمس
أشتاق إليه.
اقتربت بريانا وضعت يدها على كتف ابنها وقالت بصوت مبحوح يحمل سنوات من الصبر والتعب
كان يحبك وكان فخورا بك.
تنفس مايلو بعمق ثم تقدم نحو الكرسي العتيق ذي المخمل البرقوقي الكرسي نفسه الذي شهد بداية الحكاية. وضع اللعبة على الطاولة المجاورة له بعناية شديدة كأنه يسلم وديعة ثمينة.
نظر إلى المكان للحظة إلى الضوء المتسلل من النوافذ إلى الكتب الصامتة إلى كل ما تغير وكل ما بقي ثم قال بصوت خاڤت لكنه واثق
الآن أصبح آمنا.
لم تكن كلماته عن اللعبة وحدها بل عن الذكرى وعن الوعد الذي قطع ذات يوم وعن قلب لم يعد مغلقا بالخۏف. وكان يقصد ذلك حقا لأن ما وضع في ذلك المكان لم يكن مجرد لعبة بل أمانة إنسانية ودرسا بقي حيا أطول من المال وأبقى من العمر نفسه.





